تعز اليوم
نافذة على تعز

باحث أمريكي: ما بين اليمن وفلسطين شرعية الولايات المتحدة إلى زوال

نشرت صحيفة كونتر بنش الأمريكية المتخصصة في الشؤون السياسية، الجمعة، مقالا للباحث ديفيد إس داماتو، وهو محامٍ وباحث مستقل، سلّط فيه الضوء على مشاركة الولايات المتحدة في “تحويل اليمن إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم”، وحجب ما يحدث في اليمن عن أعين الجماهير الأمريكية.

متابعات-“تعز اليوم”:

وتطرّق الباحث في مقاله إلى الدعم العسكري الأمريكي للتحالف السعودي الإماراتي؛ الذي قاد حرباً في اليمن منذ مارس2015م، وقال إن تلك الحرب أدت لمقتل وإعاقة أكثر من 19 ألف مدني، 25% منهم من الأطفال.

 

وأضاف: “اليمن هو أحد أبرز الأمثلة الحديثة على الدفن المتعمد لأفظع المظالم الإنسانية في العالم، في الغرب على الأقل، حتى في عصر الهواتف الذكية”.

 

وقال إن الولايات المتحدة نجحت في محو القصة تمامًا من وسائل الإعلام الإخبارية التقليدية. تم حجب واحدة من أكثر الازمات الإنسانية مأساوية في العالم عن أعين الجماهير الأمريكية.

 

وتابع: “عندما أجرى مقابلة مع دانيال السبرغ، في عام 2018، أشار إلى قدرة الحكومة الأمريكية المبهرة على إخفاء أعظم آثامها، مستشهدا بالكارثة في اليمن كمثال حي، والآن لا يعرف الجمهور سوى النزر اليسير عن مدى تورطنا في اليمن”.

 

ومضى بالقول: دعمنا الجوي بإعادة تزويد الطائرات السعودية بالوقود، وإعطائها إحداثيات استهداف لتنفيذ مجازر في اليمن. جرائم حرب كبرى تحدث كل يوم محجوبة تماماً عن الشعب الأمريكي”.

 

واستعرض الكاتب عدداً من التقارير التي أظهرت “مقدار الاهتمام القليل الذي أولته الحكومة الأمريكية للمأساة الفظيعة في صفوف المدنيين والتي بدأت بالتكشف في اليمن”، وقال: “لم يكن أحد يراقب بينما كانت الحكومة الأمريكية تتواطأ مع بارونات الشركات المصنعة للسلاح، لقصف أطفال اليمن وتجويعهم”.

 

ينتقل داماتو إلى العام 2024، مسلطاً الضوء على ما خلّفه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة من توتر في المنطقة، وصولاً إلى هجمات الحوثيين ضد السفن الإسرائيلية والمتجهة إلى الاحتلال، أو الأمريكية والبريطانية.

 

وقال الباحث: “علينا أن نتساءل كم عدد الدول في الشرق الأوسط ستقصفها الولايات المتحدة في محاولات عبثية لقمع شعوبها من مقاومة الإبادة الجماعية المستمرة”.

 

وتابع: “الحقيقة المريرة، هي أن الحكومة الأمريكية تشارك دولة الاحتلال الإسرائيلي في سرديتها: فالبشر ذوي البشرة السمراء، والمسلمون والعرب ليسوا بشرًا – أو ربما هم بشر يمكننا تجاهل وجودهم بضمير مرتاح”.

 

ويضيف: إن غرس مثل هذه النظرة البغيضة في الجمهور ليس بالأمر السهل، وهذا هو السبب في الدعاية المستمرة حول “الإرهابيين” و “الإرهاب”. بالنسبة للطغاة، كل مقاتل من أجل الحرية والعدالة هو إرهابي.

 

وقال: بعد إزالة تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية في الأيام الأولى من رئاسته عام 2021، تقهقر بايدن عن مساره الأول وأعاد فرض هذا التصنيف، وهو قرار تعلم الإدارة جيدًا أنه سيعرقل محادثات السلام الجارية منذ سنوات”.

 

ويرى الباحث أن التصنيف يأتي مع عدد من العقوبات المصممة لقطع التمويل والموارد عن الحوثيين؛ مستدلاً بما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز في وقت سابق من هذا الشهر عن مسؤول أمريكي بأنه “يمكن رفع تصنيفهم من قائمة الإرهاب إذا أوقف الحوثيون هجماتهم على ممرات الشحن في البحر الأحمر”.

 

وتابع: “عندما أعلنت إدارة ترامب لأول مرة عن تصنيف الولايات المتحدة للحوثيين كجماعة إرهابية، أدانت منظمات الإغاثة الإنسانية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وحتى العديد من المسؤولين المنتخبين الأمريكيين الخطوة باعتبارها تهدد سلامة ملايين اليمنيين الذين يفتقرون بشدة إلى الاحتياجات الأساسية”.

 

وأكّد أن كبرى دول الاتحاد الأوروبي لاتزال منقسمة بشأن تجديد تصنيف الولايات المتحدة للحوثيين كإرهابيين، وما إذا كانوا سيشاركون في عمليات القصف الأمريكية في اليمن في الأسابيع الأخيرة.

 

وقال: “على الرغم من استمرار تخويف الغرب من إيران فمن الواضح أن الحوثيين لا يتلقون أوامرهم من طهران وأنهم حركة سياسية مستقلة لها أدبياتها وأهدافها الخاصة”.

 

وخلافاً للدعاية الغربية، يقول الباحث “لم يخرج الحوثيون من بطون أمهاتهم يهتفون بالموت لأمريكا والموت لإسرائيل، لا، لقد تم تبنى هذه المواقف بالدم حيث اتبعت الولايات المتحدة وحلفاؤها سياسة تغيير الأنظمة وتكوين امبراطورية متجبرة على مدى عقود”.

 

ويضيف: من المهم، في هذه المرحلة، إعادة التأكيد على حقيقة معروفة جيدًا للمدافعين عن حقوق الإنسان والحريات المدنية، وهي أن النظام السعودي يُعد من أسوأ مرتكبي جرائم حقوق الإنسان في العالم.

 

ويؤكد الباحث الأمريكي: “في المجتمع العالمي، تعتبر حكومتنا حاليًا الأكثر تجاوزًا للقانون وعدمًا للمسؤولية حيث تنتهك القانون الدولي وتدعم بنشاط أسوأ الجرائم ضد الإنسانية على مرّ أجيال، بما في ذلك الآن الإبادة الجماعية المستمرة التي تقوم بها دولة الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني”.

 

ويضيف: يعد الرئيس بايدن، من نواحٍ عديدة، الممثل المثالي للجهل الذي لا نهاية له، والذي يوافق الرواية الأمريكية السائدة حول إسرائيل – حيث نرفض مناقشة تأسيسها كمشروع استعماري أوروبي للرجل الأبيض في الشرق الأوسط، ومحاولاتها عبر عقود على إبادة العرب على أراضي أجدادهم.

 

وشدّد على ضرورة التساؤل عن الدعم الأمريكي لإسرائيل، قائلاً: لماذا عندما يكون أصدقاؤنا وجيراننا جوعى وبلا مأوى نرسل مليارات الدولارات من الأسلحة إلى بلد قام مرارًا وتكرارًا، حتى على مستوى النخبة في أعلى مستويات القيادة، بمقارنة شعب فلسطين بالحيوانات التي تستحق أن تمحى من الخريطة”.

 

 

وقال داماتو: بالنسبة لأي شخص له أدنى إدراك، كانت الأقنعة قد خلعت منذ عقود قبل أن توضح حكومة الولايات المتحدة أنها ستدعم دون قيد أو شرط، نوايا الإبادة الجماعية الواضحة لمجموعة العنصريين المجانين الذين يديرون حكومة إسرائيل.

 

وأضاف: “يتعين على الأمريكيين مواجهة حقيقة أن حكومتنا تنتهك كل معيار قانوني دولي من أجل مواصلة تمويل ودعم المذبحة المستمرة بحق الشعب الفلسطيني.. إن لم يكن الآن، فهل سيأتي يوم يسمح لنا بالتساؤل عن الحاجة الملحة لكسر هذه الدائرة التي لا نهاية لها وفكرة الحرب كوسيلة لتحقيق السلام والأمن؟.

 

ويتابع: “لقد وصلنا إلى نقطة اللاعودة، حيث لم يستطع الكونجرس كبح جماح سياسات الحرب والإمبراطورية التي لا نهاية لطموحها حتى لو أراد ذلك. إن الشعب الأمريكي وممثليه عاجزون، وقد جعلنا الأمر كذلك من خلال تجاهلنا لمشاكل حروبنا التي لا نهاية نها”.

 

ويؤكد الباحث أنه لا يمكن أن يحدث القمع الديكتاتوري دون وجود أرضية خصبة لها من ثقافة الكذب والتضليل، ويقول: “لقد تم تخدير المجتمع كله للمراقبة والاستماع والشك، وكل شخص يعامل الجيران على أنهم خونة محتملين للنظام”… هذه هي الثقافة التي سمّمت العقلية الأمريكية، خاصة منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر.

 

وقال: ستقيم شعوب المستقبل، هذه الفترة ببصيرة ثاقبة، على أنها كانت لحظة محورية في فقدان الولايات المتحدة لشرعيتها في العالم، وهي اللحظة التي تمكّنت فيها حكومتنا، التي لا تزال تتباهى بكل بجاحة بالحرية والديمقراطية، من تمكين الإبادة الجماعية بأبشع الطرق بينما كان العالم بأسره يشاهد.

 

سوف يرون لحظة عندما تهاوى آخر أوهامنا في عصر المعلومات الذي لا يزال في بداياته، عندما اتسعت الفجوة التي تفصل بقية العالم عن جنون الطبقة الحاكمة الإمبريالية في أمريكا إلى نقطة الاختناق، يقول الباحث.

 

ويختتم الباحث داماتو مقاله بالقول: إذا كانت حكومة الولايات المتحدة تواجه أزمة شرعية عميقة، وتقف عند مفترق طرق، فإن الشعب الأمريكي يعاني كذلك.. علينا ان نقرر ما إذا كان من المقبول بالنسبة لنا أن ترسل حكومتنا مليارات الدولارات لدعم جرائم الابادة الجماعية بحق المدنيين. وعلينا أن نقرر ما هي قيمنا وما نوع البلد الذي نتمنى أن نكون عليه؟.

قد يعجبك ايضا