تعز اليوم
نافذة على تعز

الرابحون والخاسرون من خيانة الحديدة و “التموضع”

عبدالقادر الجنيد – تعز اليوم :

القوات التي أنشأتها الإمارات من العدم داخل اليمن والتي مازالت تمولها وتسلحها إلى يومنا هذا، انسحبت من داخل مدينة الحديدة وما حولها وجنوبها بطول 100 كيلومتر وقدمتها هدية مجانية للحوثي وبدون مقدمات أو سبب معروف.

وهذا كشف الربح والخسارة لهذا الانسحاب الذي أمرت به دولة الإمارات لقادتها اليمنيين الذين يعملون لحسابها وليس لحساب اليمن.

أولا: الإمارات

1- ربحت رضى إيران

إيران، متخصصة في ترويض دول الخليج وهم يطلبون رضاها.

لا يمكن أن تكون هناك دولة بقوة وحجم إيران ويكون جيرانها أثرياء وفي نفس الوقت صغار وضعفاء ولا تبتزهم وتروضهم وتستعملهم وتستفيد منهم.

الإمارات، أصلا مُسْتَعْمَلَة ومنهوبة جزرها ومروضة دائما ومنذ نشأتها من قبل إيران تجاريا واقتصاديا وكوعاء استثماري وفي التهريب وغسل الأموال والتملص من المقاطعة والعقوبات الأمريكية.

لعبت الإمارات بذيلها شوية في طموحاتها العسكرية والإمبرالية التي أكسبتها لقب “اسبرطة الصغيرة” ودخلت في مغامرات أوصلتها إلى أن أصبحت الآمر الناهي في اليمن والمقرر لضرورة تفكيك اليمن وشرذمته.

وأزاحت الإمارات بدور السعودية في اليمن- قائدة تحالف إعادة الشرعية في اليمن- وقامت بتصرفات عجيبة بطرد رئيس اليمن وحكومته من عاصمته وتكوين مجلس الانفصال الانتقالي وتكوين العديد من الميليشيات المعادية للشرعية.

كانت هذه التصرفات الإماراتية هي التي صعقت اليمنيين وجعلهم يتنوعون في فهمهم للإمارات وطبيعة علاقة الإمارات بالسعودية:

أ- هل من المعقول أن تعمل الإمارات داخل اليمن شيئا لا تريده السعودية؟

ب- هل السعودية تريد نفس ما تريده الإمارات، ولكنها تستحي وتخجل شوية؟

ج- هل قد تسلطت الإمارات على السعودية معنويا وذهنيا أو ربما قد مسكت عليها ذلَّة أو مذلَّة تبتز قرار المملكة به ولا تستطيع القيادة السعودية مخالفتها؟

وهنا في هذه اللحظة، ظهر دور مُروض الخليجيين الحصري: إيران.

إيران، بهررت وأجحظت عينيها تجاه أبوظبي في طلب عاجل:

“الآن جاء وقتك لتقدمي دليلا تجددي به الولاء والطاعة لإيران”.

“سيدتك الحقيقية طهران، هي ربة وصانعة الحوثي في اليمن ويجب أن تقدمي له 100كم أراضي هدية على ساحل البحر الأحمر”.

“وهي فرصة لإخبار أمريكا من هو الآمر الناهي في الخليج قبل العودة للمفاوضات بشأن المشروع النووي نهاية هذا الشهر”.

2- ربحت الإمارات تقديم لطمة للسعودية.

الإمارات تكره السعودية من أيام النزاع على أراضي البريمي التي حجبت بها المملكة التواصل البري المباشر بين الإمارات وبين قطر.

وأيام التنابذ والتشاحن على العملة الخليجية الموحدة التي لم تر النور.

ولا يعجب الإمارات أن تكون السعودية “الشقيقة الكبرى” للإمارات.

والآن السؤال هل “إعادة التموضع” للقوات التي صنعتها الإمارات، هي لطمة إماراتية صغيرة للسعودية أم تمت بالإتفاق معها؟

إذا كان “التموضع” بدون علم السعودية، فهو لطمة وإهانة وقلة اعتبار للسعودية.

وإذا كان “التموضع” برضى السعودية، فهو أيضا مخزي للسعودية لأنها هي التي جلبت الإمارات إلى اليمن وهذه البلاد في حالة هذا الضعف الراهن، تعتبر “أمانة” بيد المملكة.

3- خسرت الإمارات سمعة “اسبرطة” ولصقت بها سمعة أنها أصبحت مجرد قردة تتقفز من غصن إلى غصن أو تمارس الرذيلة وتتقلب من حضن إلى حضن.
بلا مبدأ وبلا هدف واضح.

ثانيا: السعودية

ما حصلت عليه السعودية من التموضع هو الخسارة

1- جرح هيبة السعودية

كانت المملكة في قمة الجاه والهيبة بعد عاصفة الحزم وقدرتها على جمع معظم رؤساء وملوك العالم الإسلامي للاحتفاء بالرئيس الأمريكي ترامب في الرياض التي خصها بأول زيارة خارجية لرئيس أمريكي وكان أمرا تابعه العالم بدهشة.

والآن قامت القوات التي تصرف عليها الإمارات بخازوق “التموضع”، وضاعت معه آخر ما تبقى من هيبة وجاه السعودية.

وزادت هيبة وجاه إيران بهذا “التموضع”.

2- تدهور الثقة بالسعودية

يعرف كل الناس أن الثقة أكبر رأسمال.

التجارة والأعمال على مدى التاريخ قائمة على الثقة.

النفوذ والتأثير، معظمه قائم على الثقة.

الجزء الأكبر من قوة من تدعمهم إيران، قائم على الثقة من أن إيران لا تترك أصدقائها.

الجزء الكبير من ضعف من تدعمهم السعودية، قائم على عدم الثقة من أنها لن تتخلى عنهم.

ثالثا: العميد اليمني طارق الذي تموضع

1- إدمان التموضع

العميد طارق محمد صالح هو إبن أخ الرئيس السابق علي عبدالله صالح

•ضابط جيش في الجمهورية اليمنية وأعاد تموضعه مع انقلاب الحوثي الذي هو إعادة للملكية والإمامة.

•ضابط بارز آمر ناهي في جملوكية الرئيس صالح (الجمهورية الملكية) وأعاد تموضعه خادما خانعا خاضعا تحت أبو علي الحاكم القائد العسكري الحوثي.

•ضابط قائد الحرس الخاص لعمه الرئيس صالح، وأعاد التموضع بهروب غامض من صنعاء بينما عمه محاصر من الحوثيين الذين قتلوه.

أغرب تموضع الذي ينجو فيه الحارس الشخصي ويقتل فيه المحروس العم والأب والرئيس.

•قائد لا ندري أين يتموضع.

يتموضع مع الإمارات في المخاء التي طردت رئيس اليمن الشرعي هادي من عدن.

يتموضع مع عيدروس المجلس الانتقالي الذي يعادي الرئيس هادي.

يتموضع مع قادة الانفصال ويقول أنه مع الوحدة.

دائما يصرح أنه لا يعترف بشرعية الرئيس هادي وابتدأ مؤخرا إعادة التموضع بتصريحات أنه مع الشرعية.

يقول بأنه سيحرر صنعاء ناهيك عن الحديدة وهاهو الآن يتموضع ويترك الحديدة في “أم التموضعات”.

2- مكسب طارق من تموضع الحديدة

أطلق الحوثي سراح إبنه عفاش بن طارق وأخيه محمد بن محمد عبدالله صالح.
يعني بينما كان طارق يتموضع للحوثيين على ساحل البحر الأحمر رد عليه الحوثيون بإعادة موضعة إبنه وأخيه داخل صنعاء.

وبينما تم إخراج أهل العميد طارق من أسر الحوثي، تم إدخال عشرات أو مئات الألوف من أهل الحديدة تحت أسر واستعباد الحوثيين.

**
رابعا: هيبة إيران
**

هيبة إيران تتناسب عكسيا مع هيبة السعودية.
إذا نزلت هيبة السعودية، ترتفع هيبة إيران.

وكما قلنا فإن الهيبة والجاه والثقة، هي رأسمال وتأتي معها القوة والثراء والنفوذ وكلها تتناسب طرديا مع بعضها.

**
خامسا: مأزق اليمنيين
**

نحن اليمنيون، هزيمتنا الكارثية قد وقعت في 21 سبتمبر 2014 الذي تكتك له الرئيس صالح وجند له قبائل طوق صنعاء الموالية له وجيشه وأمنه العائلي الذين قاموا بإدخال الحوثيين إلى صنعاء والذين وافق الرئيس صالح على أن يخدموه ويولونه أمرهم.

في ذلك اليوم تم سحقنا.

في 26 مارس 2015، جاء السعوديون بعاصفة الحزم لأسباب تخصهم.
ونحن رأينا في هذا نجدة وإنقاذ لم تكن على الخاطر ولا على البال.

حدث ما حدث وكل ما تعرفون.

نحن نعيش كل كوارث الحرب مثل كل أبناء اليمن في كل مكان وتحت كل راية، ولكن معنا مصيبة إضافية هي المأزق الحالي.

مأزقنا الآن، هو أننا لا نقبل ولا نتقبل أن يحكمنا ويستعبدنا الحوثيون وفي نفس الوقت نضيق من تصرفات السعوديين.

لا يوجد أي أمل إلا إذا استطاعت السعودية كسب قلوب وعقول واحترام وثقة اليمنيين.

أما إذا استمر الوضع على هذا الحالي من “التموضعات” و “الإمارات” ونخر الهيبة والثقة في السعودية، فأمامنا المواطنة من الدرجة الثانية والاستعباد تحت “السيد” الحوثي.

كالمستجير من الرمضاء بالنار.

قد يعجبك ايضا