المبادرات المجتمعية في منطقة العمرانة بالعدين| الطرق التي حولها المغتربين
نشرت منصة بناء الإعلامية المتخصصة بتشجيع العمل التعاوني في اليمن، الثلاثاء، تقريرا جديدا سلط الضوء على مبادرة مجتمعية لشق الطرق في منطقة العمرانة بمديرية العدين، محافظة إب، وسط اليمن.
متابعات خاصة-“تعز اليوم”:
موقع “تعز اليوم”، يعيد نشر التقرير المعنون بـ(تعاونيات منطقة العمرانة بالعدين| الطرق التي حولها المغتربين) كما هو كالآتي:
“منطقتنا العمرانة أخر عزلة من مديرية العدين وهي محاذية لمديرية شرعب السلام تعز، تقع بين محافظتين، ولهذا السبب كنا للأسف كأكراد العراق إذا جاز التشبيه، تعز ترفضنا لأننا لا ننتمي إليها وإب لا تنظر إلينا، فلا مشاريع طرقات ولا مياه ولا مدراس ولا مرافق صحية ولا أي خدمة حصلنا عليها طيلة العقود الماضية حتى جاءت التفاتة المغتربين من أبنائنا مؤخرا” بشكل ساخر يشرح أحد مواطني عزلة العمرانة لـ”بناء”، عن واقع العزلة الذي دفعهم إلى أن يكونوا سباقين في تبني خيار المبادرات المجتمعية كخيار ضرورة لمعالجة مشكلاتهم الخدمية المتعثرة منذ عقود.
الإهمال الذي عانته عزلة العمرانة( يبلغ سكانها أكثر من 3 آلاف نسمة بحسب التعداد السكاني لعام 2004)، دفع المغتربين من أهالي المنطقة إلى تبني خيار التكافل الاجتماعي والمبادرات المجتمعية منذ وقت مبكر مقارنة بالمناطق اليمنية الأخرى التي تشهد حراكا تنمويا خلال فترة الحرب، ففي عام 2011، كانت مجموعة سنابل العطاء قد ولدت وبدأت بالقيام بدورها في تعزيز التكافل الاجتماعي بالمنطقة، عبر مشاريع توزيع المساعدات ومساعدة المرضى وكسوة الايتام، ودعم الطلاب وغيرها من المبادرات.
من مبادرة سنابل العطاء، ولدت وتطورت مبادرات “أصدقاء ناصر المجيدي”، التي أطلقها ونسقها أحد المغتربين من أهالي المنطقة واطلق عليها الأهالي اسمه تيمنا وتكريما لدوره الإيجابي العظيم، لتقترب تلك المبادرة من الخدمات الماسة التي تحتاج لها المنطقة وفي مقدمتها الطرق، بحسب المدير التنفيذي للمبادرة، محمد محمد قائد، في حديثه لمنصة “بناء”.
أنجزت االمبادرة رص وتعبيد أكثر من 3 ألف متر طولي من الطرقات الجبلية في منطقة العمرانة، على ثلاثة مراحل، بلغت تكلفة المرحلتين الأولى والثانية ما يقارب 85 مليون ريال يمني، فيما المرحلة الثالثة التي جاري تنفيذها حاليا ستصل تكلفتها إلى أكثر من 65 مليون ريال.
ويوضح المدير التنفيذي للمبادرة، أن “المشروع الجاري حاليا تنفيذه في المرحلة الثالثة، يربط منطقة العمرانة بمنطقة شلف ومركز مديرية العدين من جهة، وبين العزلة ومنطقة شرعب السلام من الجهة الأخرى، لتكون طريقا عاما يسهل حركة المواطنين إلى ثلاث محافظات هي كلا من إب وتعز والحديدة”.
ويلفت إلى أن “تبرعات المغتربين مثلت ما نسبته 80 % من تكلفة تمويل تلك المبادرات، ولولا فضل الله وعونه أولا، وذلك الدعم السخي من المغتربين والدور الذي لعبه الشيخ ناصر المجيدي، سواء في تنسيق اطلاق المبادرات وتنسيق الجهود وحشد الدعم والمتابعة والتحفيز المستمر، لما كانت عجلة التنمية في المنطقة، قد تحركت مترا واحدا”
ويدعو السلطة المحلية إلى القيام بدورها بمواكبة الحراك التعاوني الموجود من المواطنين، عبر تقديم الدعم والتسهيلات لتتراكم الجهود ويكون ثمارها أكبر.
مبادرات “أصدقاء ناصر المجيدي”
تسهم تحويلات المغتربين اليمنيين في الخارج بجزء كبير من تمويل المبادرات المجتمعية التي تشهدها البلد، حيث تشكل اسهاماتهم مصدر التمويل الأساسي لتلك المبادرات وتوفر لها الإمكانيات اللازمة للنجاح.
ويرى رائد المبادرات المجتمعية في منطقة العمرانة، الشيخ ناصر المجيدي، في حديثه لمنصة “بناء”، أنهم” كمغتربين نقوم بواجبنا ودورنا الطبيعي تجاه أهلنا ومناطقنا، ولدي اعتقاد أن أي مواطن يمني سيقوم به، نحن نشعر بمعاناة الناس وما يعانونه من ظروف صعبة ونحاول بقدر الممكن أن نقوم بدور إيجابي مهما كان متواضعا وبسيط”.
وحول سؤال “بناء”، عن طبيعة مبادرات “أصدقاء ناصر المجيدي”، و الصعوبات التي واجهتها وكيف تمكنت تجاوزها، وتقيمه لتفاعل المجتمع مع تلك المبادرات والخطط والمشاريع القادمة، يجيب : “مبادرة أصدقاء ناصر المجيدي، وإن كانت نسبة التمويل الأكبر تأتي من المغتربين سواء من أهالي المنطقة أو المناطق المجاورة أو من أصدقاء من محافظات يمنية ودول أخرى، تفاعلوا مع ما لمسوه من إنجازات على أرض الواقع ورغبوا في المشاركة لتخفيف معاناة الناس، لكن أهالي المنطقة كان لهم دورا رئيسيا في نجاحها واستمرارها واكسابها زخما كبيرا، وبرائي لو كانت الظروف الاقتصادية للناس في العزلة لكان مقدار ما يقدموه من تبرعات يجاري ما نقدمه كمغتربين، فالجميع يريد خدمة البلد”.
ويضيف، ” النساء حاضرات بتجهيز الأكل، وتبرعوا بالحلي والخواتم، وفعلنا عليها مزادات، السائقين كونهم المستفيدين بالدرجة الأولى كان لهم دور في نقل المواد، الجميع شارك بقدر استطاعته، وبسبب ذلك تم رص الطرقات بشكل جيد وبتكلفة معقولة”.
ويلفت إلى أن “المبادرة واجهت في البداية عدة مشكلات، أبرزها أن المجتمع لم يكن مهيا لهذه الأنشطة التعاونية بالشكل المطلوب، وكانت أحيانا الحزبية تلعب دور سلبي في حسابات الناس، لكن عندما بدأت عجلة المشاريع تتحرك، بدأ الجميع يتفاعل ويشارك ويندمج في هذا النشاط، ملقين خلف ظهروهم كل الحسابات الضيقة وواضعين في نصب أعينهم خدمة المنطقة التي تعد بيتهم جميعا”.
ويلفت إلى كونهم حرصوا بمبادرة “أصدقاء ناصر المجيدي” إلى أن تتم جميع الأمور التي تتعلق بالعمل من تبرعات ومناقصات وأجور بكل شفافية ومتاحة للجميع للاطلاع والتدقيق، وذلك اكسبها مصداقية لدى المجتمع والمتبرعين.
ويشير إلى أن أولوياتهم القادمة بعد استكمال مشاريع الطرقات تماما، تتمثل في : ترميم وتوسيع مدرسة المنطقة، وبناء سد أو حاجز مائي، بناء وحدة صحية، دعم الطلاب ودعم أنشطة محو الأمية للكبار” على أن تتم تلك المشاريع وفق الأولويات الضرورية والإمكانيات المتاحة.
بالإضافة إلى دورها البارز في رص الطرقات وتسهيل تنقل المواطنين في العزلة، وفرت مبادرات “أصدقاء ناصر المجيدي” ما يقارب 160 فرصة عمل مختلفة لأهالي المنطقة، بمعنى أنها لم تكتفي بخدمة أهالي عزلة العمرانة فحسب، بل فتحت لهم بابا للعمل، وذلك إنجاز إضافي ومضاعف لمبادرة غير مدعومة من أي جهة رسمية أو غير رسمية.