استمرار تعليق الدراسة في جامعة تعز..والسلطة تتجاهل مطالبها
متابعات_ تعز اليوم:
يدخل الإضراب العام، الذي أعلنته جامعة تعز يومه الـ20 بعد الاعتداء الذي تعرض له نائب رئيس الجامعة لشؤون الطلبة أ. د. رياض العقاب، من قبل قيادي في القوات التابعة للحكومة المعترف بها دوليًّا، في مقر عمله بالجامعة.
عقب الاعتداء قرر مجلس الجامعة عقد مؤتمر صحفي، أعلن فيه الإضراب العام والشامل في كافة مراكز وكليات الجامعة، حتى تحقيق ثلاثة مطالب وضعها مجلس الجامعة على السلطات المحلية بشقيها المدني والعسكري.
تمثلت المطالب في:
إلقاء القبض على منفذ الاعتداء ضد الدكتور رياض العقاب، وهو ضابط في اللواء 22 الموالي للحكومة المعترف دوليًّا، وإحالته إلى النيابة.
إلقاء القبض على بقية المتهمين بمحاولة اغتيال رئيس الجامعة أ. د. محمد الشعيبي وقتل مرافقه، وإحالتهم إلى النيابة المتخصصة وَفقًا للقانون والأوامر القضائية دون انتقاء أو استثناء.
إخلاء المجمع الطبي (التابع للجامعة) من أفراد الجيش الموجودين فيه، والامتناع عن أي تدخلات في ممارسة عمل الجامعة وأدائها لوظائفها، وتحييدها عن أية صراعات سياسية، واحترام الجامعة ومعاييرها الأكاديمية والإدارية.
سلسلة الاعتداءات
الاعتداء على الدكتور العقاب سبقه اعتداءات عدة، طالت الجامعة وكوادرها وممتلكاتها منذ استئنافها العملية التعليمية في العام 2017. وبحسب مصادر في الجامعة تحدثت لـ”خيوط”، تنوعت الاعتداءات على الأكاديميين والإداريين فيها، بين الضرب والتهديد، والألفاظ البذيئة، وكانت بدايتها مع الدكتور أنور اليافعي، نائب عميد كلية الحقوق لشؤون الطلبة، حيث تعرض ثلاث مرات للاعتداء بالضرب والشتائم والتهديد من قبل مسلحين في مقر الكلية؛ الأول في يناير/ كانون الثاني 2017، والثاني في 29 مارس/ آذار 2017، والثالث في 15 يوليو/ تموز 2017.
وفي 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، تعرض أحد أعضاء هيئة التدريس بجامعة تعز- فرع التربة، لاعتداء آخر، وفي 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، اعترض مسلحون أمين عام الجامعة عبدالرحمن حاجب، وأطلقوا عليه النار ونهبوا سيارته الحكومية، وقبل ذلك في العام نفسه، اختطف المسلحون مدير عام الخدمات بالجامعة لمدة أسبوع.
استمرار استيلاء اللواء الخامس حرس رئاسي على مبنى كلية الطب، سيؤدي في نهاية المطاف إلى فقدان الجامعة المنحة السعودية المقدرة بمئة مليون دولار، والتي كانت مخصصة لثلاثة مشاريع؛ أهمها إنشاء وتجهيز المستشفى الجامعي التعليمي
إلى جانب الانتهاكات السابقة، تعرض البروفسور محمد سعيد الشعيبي، رئيس الجامعة، لمحاولة اغتيال من قبل عصابة مسلحة في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، وأسفرت عن إصابته إصابات بالغة ومقتل مرافقه الشخصي. تلا ذلك اعتداء على رئيس فرع الجامعة بالتربة، البروفسور أحمد الرباصي، من قبل مسلحين أثناء خروجه من مقر عمله، في 25 مارس/ آذار 2019، بالإضافة إلى انتهاك الحرم الجامعي من قبل جنود تابعين للقوات الموالية لحكومة هادي، والاعتداء على طلاب فرع الجامعة بالتربة. وفي 13 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، انتهك مسلحون الحرم الجامعي في مدينة تعز، وتهجموا على نائب عميد كلية الطب لشؤون الطلبة في مقر عمله، كما تم الاعتداء على أحد أعضاء هيئة التدريس بكلية التربية، وشتمه وتهديده، بتاريخ 24 أكتوبر/ تشرين الأول 2019.
في العام 2020، لم تتوقف الاعتداءات والانتهاكات ضد جامعة تعز بين حين وآخر من قبل مسلحين ومنتسبين للجيش التابع للحكومة المعترف بها دوليًّا، فقد تعرض الحرم الجامعي بفرع الجامعة في مدينة التُّربة، لإطلاق الرصاص الحي على إحدى قاعات الامتحانات، بتاريخ 1 سبتمبر/ أيلول 2020، والتهجم على رئيس فرع الجامعة بالتربة أ. د. أحمد الرباصي، من قبل ضابط في الأمن الخاص، وفي 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، تعرّض الرباصي لاعتداء آخر بالشتيمة والتهديد بالقتل. وآخر هذه السلسلة من الاعتداءات، ما تعرض له الدكتور رياض العقاب، النائب الأول لرئيس الجامعة في 15 يونيو/ حزيران 2021، حيث تهجّم عليه ضابط اللواء 22 داخل مكتبه في الحرم الجامعي، وتلفّظ عليه بشتائم نابية قبل أن يخرج إلى حيث تقف سيارته، وهشّم زجاجاتها وجزءًا من هيكلها، وهو الاعتداء الذي اتخذ مجلس الجامعة إزاءه قرارًا بتعليق العملية التعليمية حتى تحقيق المطالب الثلاثة.
الاعتداء على ممتلكات الجامعة
من ناحية أخرى، تعرضت ممتلكات جامعة تعز لاعتداءات متكررة في ظل تقاعس الأجهزة الأمنية في المحافظة عن القيام بواجبها لحماية الجامعة ومنتسبيها وممتلكاتها، بل ويذهب بعض منتسبي الجامعة إلى اتهام السلطات الأمنية، في حالات عدة، بدعم المنتهكين والمعتدين وحمايتهم من المساءلة والعقوبة.
ففي العام 2016، استولى اللواء الخامس حرس رئاسي، التابع لقوات الرئيس المعترف به دوليًّا عبدربه منصور هادي، على مبنى كلية الطب الجديد (قيد الإنشاء، جوار الحرم الجامعي في منطقة حبيل سلمان غرب المدينة)، ولم تتمكن الجامعة حتى الآن من تسليم الموقع للمقاول لاستئناف العمل في المشروع الذي نفذ على نفقة الصندوق السعودي، على الرغم من تكرار مخاطبة الجامعة لقيادة اللواء بإخلاء المبنى.
وبحسب مصادر مسؤولة في الجامعة تحدّثت لـ”خيوط”، فإن استمرار استيلاء اللواء الخامس حرس رئاسي على مبنى كلية الطب، سيؤدي في نهاية المطاف إلى فقدان الجامعة المنحة السعودية المقدرة بمئة مليون دولار، والتي كانت مخصصة لثلاثة مشاريع؛ أهمها إنشاء وتجهيز المستشفى الجامعي التعليمي. وفي سلسلة الاعتداءات على ممتلكات الجامعة، أفادت المصادر بأنه تم الاعتداء على جزء من الأراضي جوار كلية الطب الجديدة، بسبب الوضع القائم بوجود اللواء الخامس في المبنى ومنع الجامعة من استعادته، على الرغم من صدور أوامر قضائية بتمليك تلك الأراضي لجامعة تعز.
وفي العام 2019، قامت قيادة السلطة المحلية في تعز، بتأجير مخازن الجامعة في منطقة “الظُّهْرة” بحي “بير باشا”، لأحد المستثمرين بغرض استثمارها كسوق للجملة، لكن الجامعة تمكنت حينها من إلغاء هذا الإجراء وتم إخلاء المخازن. وفي العام نفسه، سطت جماعة مسلحة تابعة لأحد ألوية الجيش التابع للحكومة المعترف بها دوليًّا، بالسطو على 150 قصبة (ما يقارب 750 متر مربع)، من أراضي الجامعة، وشرعت هذه الجماعة بالبناء في جزء من الأرض، على الرغم من صدور عدد من الأوامر القضائية بوقف الاعتداء. غير أن تنفيذ تلك الأوامر اصطدم بنفوذ متعدد المستويات داخل المدينة. أما آخر الاعتداءات على ممتلكات الجامعة، فكان العام الماضي (2020)، حيث شرع صندوق النظافة والتحسين في ديوان المحافظة، بالبناء على أرض مخصصة لبناء مخازن للجامعة، بهدف الاستيلاء عليها، وبدعم من وكيل المحافظة عارف جامل، حسب المصادر نفسها.
من أسباب الاعتداء المستمر على الجامعة ومنتسبيها وممتلكاتها، محاولة أشخاص نافذين الحصول على امتيازات مالية من الجامعة وقبول أبنائهم وأقاربهم ومعارفهم للدراسة بالمخالفة للمعايير الأكاديمية
ما يقوله أساتذة الجامعة
عن الاعتداءات المتكررة على منتسبي جامعة تعز وممتلكاتها، يقول الدكتور جمهور الحميدي، أستاذ علم النفس بالجامعة، إن الاعتداء على قيادة الجامعة “دليل قاطع بأن ثمة فجوة كبيرة بين جزء من المجتمع يعج بالتخلف وينتج مشاريع إرهابية، وبين المؤسسات البحثية التي من ضمن أهدافها إصلاح هذا المجتمع وتنمية قدراته”. ويبدي الحميدي أسفه لكون المؤسسات البحثية لم تتمكن، “منذ سنوات كثيرة”، من “تقويم هذا الاعوجاج الاجتماعي”، مستدلًّا من خلال هذا الإخفاق على أن السبب في ذلك بتقديره، أن من سمّاها “جماعة الضغط الاجتماعي المتخلف، هي من ترسم سياسيات وتوجهات الدولة”، وأن “انتشار الفساد والمحسوبية وعشوائية برامج التخطيط الاقتصادي، ليس إلا أحد مظاهر هذا التخلف”، وبالتالي، فإن الاعتداءات والتهجّم على المؤسسات الأكاديمية والبحثية هو حصيلة هذه الأسباب مجتمعة.
وأضاف الحميدي: “الجامعات والمؤسسات البحثية هي بذرة الأمل ليستعيد المجتمع عافيته؛ الاعتداءات المتكررة عليها، هي محاولات مستميتة لتكريس وضع الفساد والتخلف والعشوائية”.
الدكتور ياسر الصلوي، رئيس قسم علم الاجتماع بكلية الآداب، يقول إن “الاعتداءات على ممتلكات الجامعة، الهدف منها الاستحواذ على أراض الجامعة واستقطاعها لمصلحة أشخاص أو نافذين”. أما الهدف من هذا الاستحواذ، بحسب الصلوي، فهو محاولة هؤلاء النافذين التدخل في تنظيم وتسيير العملية التعليمية، من اختبارات القبول والاختبارات النهائية، بالمخالفة للمعايير العلمية والأكاديمية. ويشير الصلوي إلى هدف آخر لهذه الاعتداءات على الجامعة ومنتسبيها، ويتعلق بما سماه “الابتزاز المالي” الذي قال إن المنتهكين يمارسونه داخل الجامعة، ويطالبون قيادتها بأموال “دون وجه حق”، إضافة لمطالباتهم “بالحصول على امتيازات أو محاولة فرض أشخاص لأبنائهم وأقاربهم لقبولهم في الجامعة بالمخالفة للمعايير، واستغلال الانفلات الأمني للبسط على ممتلكات الجامعة لصالح أشخاص أو جهات أو كيانات، والاستفادة منها ومن عوائدها لمصالحهم الشخصية”، حسب تعبيره. ويُرجع أستاذ علم الاجتماع أسباب الاعتداءات المتكررة على الجامعة، إلى “عدم رضوح قيادة الجامعة أو مسؤوليها أو الأساتذة، للابتزازات غير القانونية”.
وبحسب مصدر في قيادة الجامعة، فإن هذه الاعتداءات وعدم وضع حدٍّ لها، هي التي دفعت الجامعة لاتخاذ قرارها الأخير بتعليق الدراسة من أجل وقفها نهائيًّا وتوفير بيئة تعليمية آمنة يتمكن فيها الطلبة من تلقي العلوم والمعارف العلمية بصورة طبيعية، ويتمكن فيها الأساتذة من أداء مهامهم التدريسية بصورة آمنة تستطيع معها الجامعة القيام بوظائفها وأداء رسالتها العلمية والمجتمعية.
ورغم مرور أكثر من نصف شهر على قرار مجلس الجامعة بتعليق العملية التعليمية، إلا أن السلطات القائمة في محافظة تعز، لا تزال غير متجاوبة مع مطالب الجامعة وشروطها لاستئناف العمل، ومع استمرار تجاهل السلطات لمطالب الجامعة، فإن تعليق العمل سوف يستمر، بحسب المصدر نفسه.
التقرير نقلا عن منصة “خيوط”.