رفض عارف جامل وصول الإطاحة بمدراء العموم إلى مكتب الضرائب، فتراجع الإصلاح عن استعداده التضحية باثنين من كوادره أحدهما كان يقود مكتب الكهرباء، والثاني يقود مكتب النقل، ذاك الاستعداد كان في مسعى للسيطرة على غضب الشارع، وحصره في السلطة المحلية، وعدم وصوله إلى المؤسستين العسكرية والأمنية التي يتخذهما الحزب إقطاعية خاصة به.
أمس أبرق محافظ المحافظة إلى مدراء عموم المكاتب التنفيذية والمديريات، يُبلغهم بعدم التعامل مع مديري مكتبي الكهرباء والنقل اللذان تم تعين بدلًا عنهما قائمين بالأعمال، لكنهما رفضا اجراء الاستلام والتسليم. وضمينًا، هو تمرد تواجهه السلطة المحلية، وذاك ليس الأول، للإصلاح باع طويل في ذلك، نعيد التذكير برفضه إقالة مدير عام مديرية المسراخ القيادي في الحزب يحيى إسماعيل قبل قرابة ثلاثة أعوام، عندما أقاله محافظ تعز السابق الدكتور أمين محمود. حنيذاك رفض الإصلاح القرار، وأوعز إلى إسماعيل بالتمرد على القرار. وكانت مذكرة إنهاء قرار تعين البديل عن إسماعيل موضوعه على طاولة مكتب المحافظ نبيل شمسان عند وصوله، ونفذ للإصلاح القرار.
وإلى جانب هذه الخطوة، كان أرسل أفراد القوات الحكومية الذي تقودها قياداتٍ منه لإغلاق مؤسسات الدولة في المدينة، وشرع عبر ماكينته الإعلامية، تسريب تقارير الفساد عن شركاءه أو حلفائه السابقين، الذين دافعوا عنه باستماتة خلال السنوات الماضية، حفاظًا على المناصب التي تصدق بها الحزب عليهم. وبات هؤلاء الحلفاء يشكلون عبئا ثقيلًا عليه، ولم يعد بحاجتهم، بعد إن انتهت الصلاحية.
أعاد الغضب الشعبي المتصاعد خلط الأوراق والخطط التي كانت تعدها القوى السياسية في تعز، وفي الأثناء هي في حالة انعقاد دائم لدراسة كيفيه السيطرة عليه. وفق ما بدأ واضحًا، كان الإصلاح مستعدًا للتضحية ببعض كوادره داخل المكاتب التنفيذية مقابل اقتصار الغضب على السلطة المحلية وعدم امتداده ليشمل المؤسستين العسكرية والأمنية. وفي الضفة الأخرى، كانت القوى السياسية الأخرى، في المقدمة، الاشتراكي والناصري، تؤكد “الفساد منظومة متكاملة، ولا يجوز أن يكون انتقائيا أو انتقاميًا”، وكان مؤتمر عارف جامل، يطالب بإعادة تفعيل المجالس المحلية في المدينة والتي يسيطر عليها المؤتمر بشكل شبه كامل، ومجمد منذ اندلاع الحرب قبل سبع سنوات، ويرفض امتداد الإقالة إلى اللوابي الخاص بعارف جامل. استمات الأخير، خلال الفترة الماضية للدفع بأفراده إلى أهم المناصب والمؤسسات الإيرادية، وليس مستعد على خسران هذه المؤسسات.
وصل الخلاف إلى أشده بين جميع القوى السياسية خلال الأيام الماضية. والمؤكد وفق معلومات، أنه في طريقه إلى ذروته، وخلال الأيام القادمة سيحتد أكثر. جميع القوى السياسية تبدي رفضها للفساد، ولكل منها تعريفٍ خاص له أي الفساد، وكيف يجب مواجهته، بما يحافظ على بقاء كوادرها، ويطيح بكوادر بقية القوى السياسية الأخرى.
كان الشارع منتظرًا أن تناقش كيف تعالج القوى السياسية أوجاعه، لكنها وبدلًا من ذلك، راحت تناقش كيف تحافظ على بقاء كوادرها. ووحده الشارع القادر على إيقاف هذه القوى عند حدها. قد تحاول أن ترهبه بمختلف الطرق، لكن الأهم، عدم الاستسلام إنما الإصرار على مواصلة الكفاح، حتى إعادة الاعتبار إلى مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والمحلية، وإحالة لوبي الفساد الذي يمتد جذوره الى كافة مؤسسات الدولة، إحالة هذه اللوبي إلى الجهات القضائية للمحاسبة، كخطوة أولى تؤسس لفصل جديد، عنوانه محاسبة الفسادين لا إقالتهم فقط.