لم تمضي سوى ثلاثة ايام على دفن الحمادي، ثلاثة ايام كافية لتغدقنا بالتفكير الممل وتخنقنا بالحسرات، ثلاثة ايام ونحن نوراي الخطيئة ونبحث عن اجابة واحدة، هل دفنت القضية معك ياعدنان واسترزق القاتل من دمك دون حساب، هل باعوا الدم وصالحوا، هل استثمروا القضية، هل ضعفوا، هل تاجروا، هل قبضوا، ماذا فعلوا لأجلك اذاً ياأخر حصون الجمهورية المنيعة، هل ردوا الدين لك واعدموا قاتلك ام تركوك وحدك ونسوا شرف المدينة الذي حفظته لهم وباسلت لأجله بل ودفعت له روحك بأنفة وعزة..
حسناً، من انا لأتكلم هنا واشكك في ضياع الدم وبيع القضية، من انا لأقول ان دمك ياعدنان ذهب هدراً وقضيتك دفنت قبلك، دفنت واسترخى القتلة وناموا مطمئنين؛ قد لا افقه في السياسة التي تجيدونها انتم، اقصد السياسة التي تحاول ان تحيلنا عن القضية وتنسنا دم عدنان، نعم، هذه السياسة نحن لا نفهمها، لكننا ندرك جيداً ان سياستكم عهر ودموعكم رذيلة، ندرك انكم جبناء وماديين، لا تختلفوا كثيراً عن القاتل، فالاخير اطلق الرصاصة وانتم اطلقتم خبثكم وبعتم القضية، بل وكرامة المدينة التي استعادها الرجل ببندقيته.
ماذا نقول ياعدنان، الى من نرفع القضية ومن سيقتص لنا ويعري القتلة، من يعيد للوطن اعتباره ويكشف الملابسات في القضية، من يتجرى وينشر نتائج التحقيق للرأي العام، لا احد ياعدنان فقد باعوك وكأنك لم تكن يوما حامي تراب بلدتهم، فلمن نشكي مظلوميتنا ياسيدي وقد ارتهنوا جميعهم وخانوا رصاصتك الاولى في استعادة الدولة.
بكوا قليلاً لأجلك ثم خانوا كغيرهم، لم تشفع لك بدقيتك التي حرست وجودهم واستعادت مجدهم، لم تشفع لك صلاتك في محراب الجمهورية ولا جرحك الذي نزف في اول معركة للتحرير، كل هذا ياعدنان لم يكن كافياً ان يقف هؤلاء وراء القضية ويفصحوا لنا عن هوية القاتلين، نحن الذين نمنا مقهورين يوم قتلك ويوم دفنك، بكينا كالأطفال على الجمهورية التي حرستها حتى اخر نفس لك، لم يسبق لنا ان بكينا ياعدنان كما بكينا يوم دفنك، يوم ماتت القضية وباعوها كغيرها من القضايا والشرف والوطنية والدولة والجمهورية، كما باعوا الجمهورية من قبل باعوا دمك بثمن بخس.
قد نكون فعلاً لا ندرك الامور السياسية جيداً ولا نفهم كيف تُدار، قد نكون سطحيين للدرجة التي تعمى ابصارنا ونقع ضحية هشاشتنا، لكننا بسطحيتنا وهشاشتنا ندرك تماماً انكم خنتم رمز المدينة، هذه الامور لا تحتاج الى عمق سياسي وباحث خبير يكشف لنا الملابسات في بيعكم اياها، نحن بهزالتنا الفكرية نفهم هذا ونعلم انكم لا تختلفوا كثيراً عن القاتل والدافع، لا تختلفوا عنهم كثيراً سوى بهرطقاتكم الإعلامية وتصريحاتكم المكشوفة؛ اين العمق في ان نرى حارس المدينة يُدفن وملفه في درج المحكمة فارغ، اين السياسة العميقة التي لا نفهمها في هذا، اين انت يانعمان لتحدثنا اكثر عن تفاصيل القضية التي اضعتها في المحكمة، اخبرنا يامحامي الشعب عن اخر مستجدات القضية، اين وصلت وماذا اكتشفت ليدفن البطل فجأة، حدثنا بوثائق واكشف لنا الواقع اما تصريحات وكلام عابر فقد سئمنا وفقدنا الثقة.
لست وحدك ياعدنان من قُتل ومزق ملفه، لست وحدك من يغدر وتباع قضيته، لكنك الأضخم بين هؤلاء، الأشجع فيهم، الأنبل فيهم، المحارب الذي اطلق شرارة التحرير في المدينة واستعاد قدسيتها، البطل الذي جُرح ساقه وبندقيته لم تتعطل، الرجل الذي منح الجمهورية وسامها الأخير وذهب يقابل ربه مغدوراً.
لتنعم عند ربك ياعدنان ونواسي انفسنا والمدينة، لنبقى هنا نشمت بمن جعلت منهم احرار وجعلوا منك مقتولا، لتنعم وحدك يارمز التحرير ولنبقى هنا ضعفاء لا نحتمل الضياع.