ما صدر يوم الخميس عن التحالف من تصريح بشأن التفاهمات التي جرت مؤخراً بين الانتقالي والشرعية حوْل الخطوات العسكرية والسياسية؛ يكشف صراحة أن الآمر الناهي في عدن والجنوب عموماً سيكون التحالف وحده لا شريك له ولا ينازعه أحد -على الأقل فيما يتعلق بالجانب الأمني والعسكري وبحيازة السلاح بما فيها الأطقم- فهذا ما أكد عليه البيان، وتؤكده بنود اتفاق الرياض.. وهذا يعني بالضرورة أن الطرفين سيكونان منزوعَي المخالب والأنياب بالجنوب وبعدن تحديداً، وسيكون التحالف أو بالأحرى السعودية هي من يمسك بالعصا والجزرة عند قومٍ جائعين ضائعين، يمضون بأقدامهم صوب المجهول. لا نعوِّل على هكذا تفاهمات واتفاق إلا بجزئية وقف اشتباكات أبين المؤلمة، ما دون ذلك صعب التعويل عليه أو الركون إليه.
صحيح أنه من الصعوبة على السعودية أن تضطلع بأمر عسكري وأمني كبير بهذا الحجم، بحكم تواضع خبرتها العسكرية والأمنية على الأرض وبافتقارها للخبرة الكافية لطبيعة المجتمع بالجنوب، لكن هذا لا يُقلل من حقيقة أنه سيكون للمملكة -وربما الإمارات إلى حد ما- في قادم الأيام اليد الطولى بشكل مباشر أو غير مباشر، وبيدها سترسم خارطة التسوية السياسية القادمة -في الجنوب أعني وليس في الشمال- أو في أقل حال ملامح هذه الخارطة إن لم تكن كل تضاريسها السياسية المستقبلية، فيكفي أنها (السعودية) تمتلك صولجان الترويع والإذعان بيد وسحر المال وهيلمانه باليد الأخرى أمام جزء كبير من نُخب سياسية وحزبية وعسكرية وإعلامية وثوروية لا تتردد أن تبيع الجمل بما حمل نظر فتات من المال والمكاسب.. ولهذا فمستقبل الجنوب وحتى مستقبل هذا الشيء المُسمّى بالشرعية يتم تسليمه للغير.
إيليا أبو ماضي:
(ليس الكفيف الذي أمسى بلا بصر
إنّي أرى من ذوي الأبصار عُمياناً).