نصف وظائف سكان العالم في خطر ..الإنسان الآلي ومستقبل القوى العاملة
لطالما بنت العديد من أفلام الخيال العلمى قصتها على “الروبوت” الذى سيحل محل الإنسان فى عملية الصناعة قبل أن يثور عليه ويتمرد ويحاربه..
منوعات – تعز اليوم :
تكررت هذه التيمة فى الأفلام كثيرا، حتى أن مسلسلا مثل “westworld” للمخرج والمؤلف جونسون نولان يتخيل أن هذه الروبوتات قد حلت محل الإنسان تماما حتى بات من شبه المستحيل تفريقها عنه، يبدو الأمر كخيال علمى خاصة فى شكل هذا الروبوت صاحب الشكل الشبيه بالإنسان، لكن دون أن يشبهنا كثيرا فإن الروبوت الذى يحاربنا ليحل محلنا بات حقيقية، ففى ورقة عمل من حوالى 40 صفحة مركز التنمية الدولى، فإن الروبوتات أصبحت مصدرا مهددا لوظائف ملايين البشر خاصة فى البلدان الأكثر فقرا.
ويشير المركز فى ورقته التى استمدها من عشرات الدراسات، أنه وفى جنوب شرق آسيا وحدها سيكون لدينا بحلول عام 2019 أكثر من 250 ألف وحدة جديدة من الروبوتات الصناعية، ستحل محل البشر فى صناعات السيارات والكهرباء والإلكترونيات والمعادن والآلات والبلاستيك، وكل روبوت من هؤلاء سيطيح فى المقابل بحوالى 5 موظفين تقليديين.
وبالتركيز على جنوب شرق آسيا فإنه وبحسب الدراسة ففى أندونسيا مثلا فقد تم الاستغناء عن العمال الذين يحصلون رسوم الطرق، واستبدالهم بالكامل بآلات تعمل على تحصيل الرسوم، وفتح البوابات، وكانت كل بوابة من هذه تحتاج إلى 5 موظفين، وترتب على هذا الأمر نقل 20 ألف عامل على البوابات لوظائف أخرى!، المشكلة لا تتوقف عند مسألة بوابات العبور، ونقل 20 ألف عامل إذ أن الدراسة تقول الدراسة إن نصف الوظائف التى يقوم بها البشر حاليا فى أندونيسيا يمكن أن يقوم بها الروبوت حاليا، بمعنى أن نصف القوى العاملة للسكان قد تصبح فى حالة بطالة إذا تم إحلال أعمالهم بـ “روبوتات”، فالأمر إذا وصل لنحو 20 ألف عامل فيمكن نقلهم لوظائف أخرى، ولكن ماذا سنفعل إذا كان نصف سكان أندونيسيا على حافة الخطر؟.
الأمر ليس “روبوتا” على هيئة إنسان، لكن روبوت ذكى مبرمج يقوم بشكل واضح بوظائف الإنسان، يستطيع أن يطهى الطعام، ويصنع الآلات، ويقود السيارات ويقوم بخدمات التوصيل، بل وقد ويؤدى بعض الوظائف الكتابية الروتينية!.
وبمدخل تاريخى تطرح ورقة العمل كيف غيرت “الثورة الصناعية العالم”، واستطاعت أن تقضى على العديد من وظائف البشر التاريخية، ففى عام 1841 كان 22% من المواطنين فى بريطانيا يعملون فى مجال الزراعة، ولكن مع تطور الآلة الزراعية أصبح أقل من 1% من البريطانيين يعملون فى هذا المجال، فاتجهت العمالة الآن إلى الصناعة، نحن اليوم نواجه وضعا شبيها وبسرعة أكبر، إذ بات لدينا “الثورة الرقمية” والتى تحل فيها الآلة الذكية محل البشر، وإذا كان العمال الزراعيين قد تحولوا إلى الصناعة بدخول الآلة فأينسيتجه عمال الصناعة اليوم بعد أن تطردهم الآلات؟.
وجمع المركز العديد منآراء الدراسات الأخرى حول خطورة ما أسمته “ثورة الروبوتات”، واستخلصت هذه الدراسات التى شارك البنك الدولى فى بعضها أرقاما مرعبة.
ففى الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال فإن 47% من العمال سيواجهون خطر فقدان وظائفهم بسبب الثورة الرقمية، 9% مثلا من الوظائف فى قطاع صناعة السيارات الضخم سيفقد اصحابها أعمالهم بسبب الروبوتات، كما أن هذا الأمر لن ينتظر المستقبل، فحاليا 3% من إجمالى نسبة البطالة السنوية سببها هو إحلال الروبوتات محل الوظائف العادية، فكل روبوت يتم إضافته للعمل فإنه يهدد وظيفة حوالى 1000 عامل، كما أنه وبحلول عام 2030 ستكون 38% من الوظائف فى الولايات المتحدة الأمريكية قد حل الروبوت فيها محل الإنسان، وهي النسبة التى تصل إلى 35% من ألمانيا، و30% بالولايات المتحدة الأمريكية، و21% فى اليابان.
تسعة بالمائة من عمال مصانع السيارات سيفقدون وظائفهم بسبب الروبوت
وكلما قل تطور الدولة كلما ارتفعت النسبة المخيفة، لتصل إلى 77% من الوظائف فى الصين، و69% فى الهند، و85% فى إثيوبيا، أما البنك الدولى فيرجح أن هناك 1.8 مليار وظيفة سيفقدها أصحابها بسبب استبدالهم بـ “الروبوت” بحلول عام 2030، وهى الثورة التى تجرى على قدم وساق فبحسب البنك الدولى فإن 101 مليون وظيفة خسرها اصحابها بسبب استبادالهم بالمعدات الحديثة فى قارة آسيا.
وتخلص ورقة العمل – المخيفة فى حقيقة الأمر- إلى أن الأمر لن يتعدىفقط مجرد أن يفقد البشر وظائفهم، بل سيتحول الأمر إلى مشكلة اجتماعية وسياسية خطيرة، فيمكننا تخيل ما الذى سيحدث فى بلد إذا فقد مليون شخص وظائفهم فى عام واحد بسبب الروبوتات، فقد يتحول الأمر إلى اعتراضات وفوضى تضرب العالم كله، خاصة أن آثارها بدأت تظهر اليوم عن طريق تخفيض اجور العمالة اليدوية العادية، وتخفيض اشتراكاتهم فى صناديق العاملين.
وتقترح الدراسة على الدول ضرورة أن تعد الحكومات الوطنية سياسات عامة لمواجهة “ثورة الروبوت” القادمة، إما عن طريق فرض ضرائب أو الحد من انتشار الآلات فى المصانع، ووضع سياسة لتدريب العمالة وتحويلها إلى مهن أخرى بخلاف المهن التى سيغزوها الروبوت، وبناء قطاعات كثيفة العمالة فى مجالات الخدمات والبنية التحتية.