دروس البحر الأحمر والتكتيك اليمني تمتد إلى كانبرا: دعوات لإعادة هيكلة البحرية الأسترالية
نشر المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية، اليوم السبت، تقريرًا تحليليًا كتبه الباحث خياتي سينغ أكد فيه أن المواجهة البحرية في البحر الأحمر والتي اندلعت منذ أواخر 2023 وحتى مايو 2025 بين الجيش اليمني والبحرية الامريكية كشفت اختلالًا استراتيجيًا خطيرًا داخل المنظومة العسكرية الأمريكية، يتمثل في صراع غير متكافئ اقتصاديًا بين الأسلحة الأمريكية الباهظة والطائرات المسيّرة والصواريخ اليمنية منخفضة التكلفة.
متابعات خاصة-“تعز اليوم”:
وبحسب التقرير، فقد تمكنت مدمرات البحرية الأمريكية من طراز أرلي بيرك، المزوّدة بأنظمة قتالية متقدمة مضادة للطائرات والسفن والغواصات، من اعتراض عدد من الطائرات المسيّرة والصواريخ اليمنية… غير أن هذا النجاح التكتيكي، كما يصفه التقرير، يخفي مأزقًا استراتيجيًا شديد الخطورة، إذ إن كلفة كل عملية اعتراض واحدة باهظة إلى حد غير قابل للاستدامة.
وأوضح التقرير أن تكلفة بناء مدمرة واحدة من فئة أرلي بيرك تتجاوز ملياري دولار أمريكي، في حين يصل سعر الصاروخ الاعتراضي الأمريكي من طراز SM-2 أو SM-6 إلى أكثر من 4 ملايين دولار للصاروخ الواحد..
في المقابل، فإن الطائرة المسيّرة اليمنية التي تُجبر المدمرة على إطلاق هذا الصاروخ لا تتجاوز تكلفتها بضع آلاف من الدولارات فقط. وأكد التقرير أن البحرية الأمريكية أطلقت قرابة أكثر من مئة صاروخ اعتراضي من هذا النوع خلال عملياتها في البحر الأحمر، وهو ما أسفر عن ضغط واضح على مخزون الذخائر الاستراتيجية وصناديق التسليح الأمريكية، بحسب طلبات إعادة التزويد المقدمة للبنتاغون مؤخرًا.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة قادرة على تغطية هذه النفقات فقط في حالات قصيرة ومحدودة، أما في حال تحولت المواجهة إلى حرب استنزاف طويلة أو متعددة الجبهات فإنها لن تستطيع تحمّل الكلفة الاقتصادية.
وحذّر التقرير من أن هذا الاختلال في كلفة الاشتباك يشكل ثغرة استراتيجية قاتلة يمكن لخصوم الولايات المتحدة الكبار، وعلى رأسهم الصين، استغلالها في أي مواجهة بحرية واسعة، عبر إغراق الأساطيل الأمريكية بوابل من المنصّات الرخيصة واستنزاف مخازنها الدفاعية قبل الوصول إلى مرحلة المواجهة الحاسمة.
وبيّن أنه عند إطلاق صاروخ اعتراضي واحد ضد طائرة مسيّرة صغيرة، فإن السفينة تفقد فرصة استخدام ذلك الصاروخ لاحقًا ضد صاروخ كروز متقدم أو طائرة حربية مضادة للسفن.
وتطرّق التقرير إلى استراتيجية الجيش اليمني الذي كان يستخدام هجمات أولية منخفضة المستوى لإفراغ مخازن السفن المرافقة لمجموعة حاملات الطائرات، ما يجعل تلك الأساطيل باهظة الثمن عاجزة عن التصدي لهجوم ثانٍ أكثر تعقيدًا مؤكدا بأن الجيش اليمني أثبت أن هذه الاستراتيجية ناجحة وممكنة التطبيق عمليًا.
وأفاد التقرير أن الدرس الأبرز للمخططين العسكريين في الولايات المتحدة وأستراليا هو أن بقاء الأساطيل السطحية لم يعد يعتمد فقط على تطور الأنظمة القتالية، بل على عمق ومرونة مخازن الذخيرة. وشدد على ضرورة مواجهة التهديدات الرخيصة دون استنزاف الأسلحة عالية القيمة.
وفي هذا السياق، دعا الكاتب إلى تغيير بنية الأساطيل الغربية بالكامل، والابتعاد عن الاعتماد على عدد قليل من السفن الضخمة متعددة المهام، لصالح هيكلية أسطول موزعة ومتوازنة تشمل مدمرات وفرقاطات وسفن أصغر يمكن تجهيزها حسب المهام، ما يوفر مرونة أعلى وتكلفة تشغيلية أقل.
كما أوصى التقرير بالتركيز على تطوير أسلحة الطاقة الموجّهة (الليزرية) باعتبارها الحل الأكثر منطقية لتغيير معادلة الكلفة، كون تكلفة الإطلاق في هذه الأنظمة تقترب من الصفر مقارنة بالصواريخ التقليدية. ولفت إلى ضرورة نشر أنظمة دفاع نقطي متعددة الطبقات وصواريخ قصيرة المدى منخفضة الكلفة مع تعزيز القدرات الإلكترونية للحرب الدفاعية.
وأكد الكاتب أن هذه الدروس بالغة الأهمية بالنسبة لأستراليا التي تقوم حاليًا بإعادة تشكيل أسطولها السطحي، إذ إن سفنها المستقبلية المصممة للتوافق مع البحرية الأمريكية يجب أن تتضمن مخازن ذخيرة أعمق وقدرة دفاعية متعددة المستويات وفعّالة من حيث الكلفة، مع إمكانية استخدام طواقم اختيارية لتقليل التكلفة وزيادة عدد السفن المنتشرة.
وأختتم الكاتب بالقول إن الولايات المتحدة قد تنتصر تكتيكيًا في البحر الأحمر، لكنها تخسر الحرب على المستوى الاقتصادي والصناعي، وإن التجربة التي كشفها اليمن في المواجهة البحرية تمثل نقطة تحول عالمية في طبيعة الصراع البحري الحديث، وجرس إنذار للأساطيل التي تعتمد على التكنولوجيا المكلفة في مواجهة تهديدات منخفضة الكلفة وعالية الفعالية.
وأفاد ناشطون بأن مطار عدن تحول إلى مصيدة لاعتقال المسافرين من أبناء المحافظات الشمالية، مُستغربين التهمة الموجهة إلى الحسني الذي كان يبث تحركاته في عدن بشكل علني. كما ذكروا بحادثة اعتقال الكابتن طيار محمد المتوكل، الذي تم تلفيق تهمة له باختطاف طائرة اليمنية إلى صنعاء قبل أن يُفرج عنه بعد أيام من الاعتقال.