اسامة عبدالرحمن جميل-“تدوين حر”:
تُعدّ جمهورية الكونغو الديمقراطية من أغنى دول العالم بثرواتها الطبيعية من المعادن الخام والثمينة، حيث تُقدّر قيمتها بـ 24 تريليون دولار، إلا أنّها تعاني من فقر مدقع نتيجة للاستعمار الأوروبي وما خلفه من نهبٍ مستمرٍّ للثروات وإضعافٍ للدولة والمجتمع.
بعد الحرب الأهلية الرواندية بين الأغلبية الهوتو والأقلية التوتسي الحاكمة، والتي تُعتبر من أفظع مجازر التصفية العرقية في التاريخ الحديث، فرّ العديد من قادة التوتسي المسؤولين عن تلك المجازر إلى الكونغو، ما دفع رواندا للتدخل عسكرياً لملاحقتهم، إلا أنّ الأمر توسّع ليشمل السيطرة على موارد الكونغو ودعم جماعات متمردة. وتُتهم رواندا، التي تُعرف بـ”الصين الأفريقية” و تُعتبر الحليف الأكبر للصين، بالسعي للسيطرة على موارد الكونغو الهائلة، باعتبارها ثاني أكبر دولة أفريقية وأغنى دولة في العالم من حيث الموارد المائية والخامات.
تشهد جمهورية الكونغو الديمقراطية حاليًا تصعيدًا خطيرًا في النزاع المسلح، حيث تسيطر جماعات مسلحة مدعومة من رواندا على مدن رئيسية، مما يهدد الاستثمارات الأوروبية ومصالحها في أكبر وأرخص مصدر للمواد الخام الأساسية للصناعات التكنولوجية المتقدمة عالميًا، مما قد يؤدي إلى أزمة اقتصادية عميقة.
يتسم الصراع في أفريقيا بتعقيدات جغرافية وسياسية عميقة، فما ارتكبته أوروبا، وبلجيكا تحديدًا، من جرائم في أفريقيا يفوق بكثير ما حدث للهنود الحمر في أمريكا. وتعمل الصين وروسيا حاليًا على تعزيز نفوذهما في أفريقيا مستغلين تراجع النفوذ الأوروبي والأمريكي، فإدارة ترامب على عكس أسلافها، لا تبدي رغبة في التدخل لصالح الأوروبيين، مفضلة تقاسم النفوذ مع الصين وروسيا اللتين لا تُبديان أي اهتمام بتقديم تنازلات.
يُعزى قلة الوعي بما يجري في أفريقيا إلى أهمية القارة كمصدر للثروات، وبعدها الجغرافي عن الممرات المائية الرئيسية، بالإضافة إلى التحولات الجارية في النظام العالمي. فحتى في حال وقوع أحداث كارثية، فإنها لن تحظى بنفس القدر من التغطية الإعلامية التي تحظى بها الأحداث في مناطق أخرى من العالم، مثل حدث اشتابك مسلح بين جماعات مسلحة في مدينة ثانوية في الشرق الأوسط.
من صفحة الكاتب على “فيسبوك”.