لتجنب خسارة الحرب في اليمن| دراسة أمريكية تدعو للاعتراف بشرعية الحوثيين
أكدت مجلة (Small Wars Journal) الأمريكية المتخصصة بالدفاع الوطني والسياسة الخارجية، أن على الولايات المتحدة الأمريكية اتباع استراتيجية مختلفة للتعامل مع الحوثيين لتجنب الهزيمة في اليمن.
متابعات خاصة-“تعز اليوم”:
ونشرت المجلة بحثًا للكاتبة إليزابيث تورينج، بعنوان “كيف يمكن للولايات المتحدة تجنب خسارة الحرب في اليمن”، مقدما قراءة للحرب التي تشنها أمريكا ضد قوات صنعاء-الحوثيين، على خلفية موقفهم الداعم للشعب والمقاومة الفلسطينية في غزة، والداعي لوقف العدوان الإسرائيلي على القطاع.
ومهدت الباحثة توصيفها لما يدور من صراع بين أمريكا وقوات صنعاء-الحوثيين، بالتطرق إلى تصنيف الولايات المتحدة للحوثيين كجماعة إرهابية عالمية مصنفة بشكل خاص (SDGT)، في السابع عشر من يناير 2024.
وأشارت إلى تزايد نشاط أمريكا في الخليج بإسقاط طائرات مسيرة تابعة للحوثيين ضمن التدخل العسكري في اليمن.
وقدّمت الباحثة تسلسلاً تاريخياً لظهور جماعة الحوثي وارتباطاتها الداخلية والخارجية، كما تطرّقت إلى وضع الحكومة المعترف بها دولياً، ودور التحالف الذي تقوده السعودية، والمفاوضات بين الحوثيين والرياض.
وقالت الباحثة إن اليمن يواجه انقسامات دينية وقبلية وسياسية كبيرة بين سكانه على الرغم من كون غالبية سكانه من المسلمين.
وفي ورقتها البحثية قالت الكاتبة إليزابيث إنه “لا ينبغي النظر إلى الحوثيين كوكلاء مباشرين لإيران”، مضيفة: “قامت إيران – وجماعات مثل حزب الله – بتزويد الحوثيين بالأسلحة والتدريبات الضرورية. ومع ذلك، لا يعتمد الحوثيون على الدعم الإيراني، وبالتالي يحافظون على استقلاليتهم عن إيران”.
وأكدت: بدلا من كونهم وكلاء، يعمل الحوثيون كشريك لإيران بدافع المنفعة المتبادلة: يحصل الحوثيون على دعم مادي، ويحصل الإيرانيون على حليف ضد إسرائيل والإمارات والولايات المتحدة داخل منطقة البحر الأحمر.
وتقول الكاتبة إن تحالف نظام علي عبدالله صالح مع الولايات المتحدة لـ “مكافحة الإرهاب” بعد 11 سبتمبر، أدى إلى تغييرين مهمين. أولاً، أثار إعلان مكافحة الارهاب انتقادات متزايدة للرئيس صالح من قبل حسين الحوثي في صعدة، مما شكل تهديدًا متزايدًا لشرعية الحكومة اليمنية في المنطقة.
ونوّهت إلى الدعم العسكري والتدريب الذي تلقته اليمن من الولايات المتحدة، قبل أن تبدأ سلسلة حروب صعدة من يونيو 2004 إلى فبراير 2010م.
وتابعت: “أدت حروب صعدة إلى تطورين رئيسيين لتمرد الحوثيين. أولاً: طوّر الحوثيون قدرات عسكرية. في حين بدأت الجماعة الحروب بدون هيكل عسكري حقيقي، فقد أصبحوا مهرة في التكتيكات غير النظامية، مثل الكمائن، بحلول حرب صعدة الثالثة”.
“ثانيًا: أثّرت حروب صعدة على ولاء القبائل المحلية؛ ففي حين أن معظمهم دعموا الحكومة اليمنية في بداية الصراع، فإن السخط الواسع النطاق الناجم عن الإهمال الاقتصادي والسياسي للحكومة اليمنية للمنطقة، والمعاملة السيئة للميليشيات المتحالفة مع الحكومة اليمنية، ومقتل المدنيين في هجمات الحكومة اليمنية، وعلاقات القرابة مع عائلة الحوثي أدّت إلى تحوّل العديد من القبائل ولاءها للحوثيين بحلول الحرب الأخيرة.
وأضاف: وعليه، بحلول عام 2010، اكتسب الحوثيون قدرات عسكرية ودعمًا محليًا من السكان.
وأشارت الكاتبة إلى أن الربيع العربي خلف فراغًا في السلطة في اليمن، مما سمح للحوثيين بالتوسع، وسيطر الحوثيون على صنعاء بدون مقاومة تُذكر، ووسعوا قدراتهم من خلال السيطرة على مخازن الأسلحة اليمنية ووسائل الإعلام الحكومية.
ونوّهت الكاتبة في ورقتها البحثية إلى تدخل التحالف بقيادة السعودية، وتحالف صالح مع الحوثيين، ثم التحالف الجديد بين حكومة هادي والانتقالي، وقالت: “على الرغم من التحالف الجديد بين حكومة هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي، في عام 2020 والعديد من الضربات التي شنها التحالف، نجح الحوثيون في السيطرة على مساحة كبيرة من الأراضي في اليمن والاحتفاظ بها”.
وتابعت: نتيجة لذلك، اكتسب الحوثيون “شرعية شبه رسمية” ككيان حاكم في اليمن، وهم يسيطرون الآن على ما يقارب 70٪ من السكان اليمنيين من خلال القوة القاهرة، ونظام ضريبي، والسيطرة المسلحة على الغذاء والمياه. يوضح الشكل 3 أراضي الحوثيين اعتبارًا من يناير 2022.
وترى الكاتبة أن الحوثيين استخدموا الحرب التي يشنها جيش الاحتلال في قطاع غزة “كمنصة لعرض قوتهم ومحاولة كسب الشرعية على المستوى الدولي. نتيجة لذلك، شهد الصراع دخول جهات فاعلة جديدة وتغيير في البيئة العملياتية للحوثيين”.
وتابعت: باستخدام موجة التعاطف المؤيدة لفلسطين كمبرر، نفّذ الحوثيون عمليات مع “القوات المسلحة اليمنية” في البحر الأحمر، مما أدى إلى تعطيل تدفقات التجارة العالمية.
وأضافت: “وردًا على ذلك، دخل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الصراع، حيث قام بدوريات في الممرات المائية لحماية طرق الشحن الدولية وشن ضربات على أهداف حوثية رئيسية. وبالتالي من خلال التهديد باستهداف بالتجارة العالمية، غيّر الحوثيون نطاق صراعهم من مواجهة قوة مكافحة للتمرد إقليمية إلى قوة عالمية”.
ووصفت الكاتبة أن فترة عمليات الحوثيين في البحر الأحمر شهدت انخفاضاً في معارضة السعودية، وقالت: “بدأ هذا الانخفاض في الأشهر التي سبقت السابع من أكتوبر، عندما بدأ المسؤولون السعوديون محادثات سلام مع الجماعة، مشيرين إلى رغبة متزايدة في التنمية الاقتصادية في جنوب السعودية والتي لن تكون مجدية بدون سلام دائم مع الحوثيين”.
وتابعت: “لم يتزعزع هذا الموقف منذ أن بدأ الحوثيون بتعطيل التجارة في البحر الأحمر: في ديسمبر 2023، صرّح وزير خارجية السعودية بأننا “ملتزمون بإنهاء الحرب في اليمن ونلتزم بوقف إطلاق نار دائم يفتح الباب أمام عملية سياسية.”
وقالت: “يرى آخرون أن الحوثيين أقرب من أي وقت مضى إلى تحقيق هدفهم، مستشهدين بالانسحاب السعودي المذكور سابقًا من الصراع. بالإضافة إلى ذلك، يرى البعض أن زيادة تحرك الولايات المتحدة يمكن أن يقوي الدعم السياسي للحوثيين داخل اليمن، حيث أن حشد الدعم من القضية الفلسطينية العابرة للقطاعات –
بالإضافة إلى المشاعر المعادية للغرب المتزايدة في المنطقة – قد يمنح التمرد الشرعية اللازمة لتعزيز السيطرة على بقية اليمن وكسب الاعتراف والشرعية الدولية”.
وأضافت: “ربما حان الوقت للنظر في السماح بفشل مكافحة التمرد – بهدف حماية مصالحنا في البحر الأحمر. بدلاً من استخدام القوة العسكرية، يمكننا أن نجرب تقديم حافز للمتمردين: اعتراف المجتمع الدولي باليمن بقيادة الحوثيين.
وقالت: “باستخدام النفوذ داخل المنظمات الدولية، يجب على الولايات المتحدة التفاوض بشأن شروط يمكن أن يكتسب الحوثيون بموجبها الشرعية – مشروطًا بعدة عوامل مدنية مثل تسهيل النمو الاقتصادي للتخفيف من الأزمة الإنسانية وتطوير نظام سياسي عادل يضمن المصالحة مع الحكومة اليمنية”,
ومضت قائلة: “في تعزيز هذا اليمن الجديد، يجب على الولايات المتحدة اتباع مبادئ عقائد مكافحة التمرد – مثل العمل كمستشار داعم للحكومة الجديدة لبناء قدرة الدولة”.
واختتمت الكاتبة بحثها بالقول: “هذه النتيجة تنطوي على إمكانات كبيرة: واقع يكون فيه اليمن مستقرًا نسبيًا وممر التجارة في البحر الأحمر آمنًا مرة أخرى، ولكن من دون نشر قوات مكافحة التمرد في صراع طويل الأمد. وبالتالي، قد يفوز الحوثيون في هذا الواقع، فإن هذا الواقع لا يتطلب خسارة الولايات المتحدة – وهو سيناريو أفضل بكثير من خسارة باهظة الثمن وطويلة الأمد”.