الحكومة أدارت ظهرها له.. الصريمي يكرم الأدب اليمني في تعز
فاروق ثابت_”تعز اليوم”:
“حنين القلب يا سلمى تغنيه العيون
بصوت البن والكاذي وهزات الشجون
وكم دمعك رقص داخل عيونك
وخالط طول رقصهن حنينك”.
بعد عقود من الأدب والشعر والإبداع المنسي، تحتشد تعز، لتكريم أحد أعلام الأدب اليمني والشعر الشعبي والغنائي بصفة خاصة، الدكتور سلطان الصريمي، بتنظيم من مكتب الثقافة بتعز، الثلاثاء 21 ديسمبر الجاري.
قدم الصريمي المولود في العام 1948 طوال مسيرته الأدبية، نحو سبعة دواوين شعرية من ضمنها: “أبجدية البحر والثورة، وهموم إيقاعية، ونشوان وأحزان الشمس، وقال الصريمي، وأربع وردات وقصيدة وزهرة المرجان والهواجس”. تصدرت هذه الدواويين قصائد غنائية أداها كبار الفنانين اليمنيين ك”تليم الحب” للفنان أيوب طارش، ونشوان “للفنان الكبير محمد مرشد ناجي”. وأغنية بارق الزهر للموسيقار أحمد فتحي، واغنيتي “مسعود هجر” و”اذكرك والسحايب” للفنان عبدالباسط عبسي. ثم أغنية أعشقك ولقاء للفنان نجيب سعيد ثابت.
ويأتي تكريم الصريمي ضمن فعاليات معرض تعز الرابع للكتاب المقرر إقامته في ال21 من ديسمبر الجاري. الذي سيتم خلاله إصدار كتاب المجموعة الشعرية الكاملة للصريمي.
“من يوم حبيتك وقلبي يشرب الراحة قُهَد
ما نسى همسة عيونك
حين دق الحب أبواب النفوس
ذاب شوقي في شجونك”.
رسالة استنجاد
وكان من المقرر تكريم الشاعر وإقامة المعرض الرابع للكتاب في الـ18 من ديسمبر الجاري. غير أن الفعالية لم تتم لأسباب يبدو أن وراءها إهمال الحكومة والسلطة المحلية في تعز لدعم الفعالية. وهو ما جعل مدير مكتب الثقافة بتعز يستنجد رجل الأعمال شوقي أحمد هائل سعيد برسالة مناشدة حزينة جاء فيها: “الأستاذ شوقي أحمد هائل، تحية طيبة وبعد:
تعز تسلم عليك كثيراً وتوشوش في أذنك بحزن وتقول: غداً يصل تعز الثقافة القامة والقيمة الثقافية الكبرى الشاعر الدكتور سلطان الصريمي، مبدع “تليم الحب” في قلوبنا”.
متابعاً: “ولا تستغرب أن نقول لك إن جميع المعنيين خذلونا حتي اللحظة فيما يتعلق بتكريم الصريمي وبكل تفاصيل برنامج معرض تعز الرابع للكتاب”.
تركونا لنفشل
وأكد مدير مكتب الثقافة بتعز في رسالته لحفيد الحاج هائل سعيد: “لقد تركونا وحدنا بلا دعم ولا رعاية لنفشل ونتجمد وتموت عاصمة الثقافة”.
وأردف: “نناشدك لتكريم أيقونة تعز والوطن بما يليق به وتاريخه الحافل بالتفرد، بأن تتكفل بمراسيم استقباله والاحتفاء به وتكريمه مادياً ومعنوياً”.
واستغرب كثير من المثقفين والإعلاميين والأدباء إدارة ظهر السلطة المحلية في تعز وقبلها الحكومة الشرعية عن تمويل ودعم إقامة هذه الفعالية التي ينظمها مكتب ثقافة تعز. في مدينة لم تدع فيها طواغيت الظلام والتطرف متسعا للفرحة أو السعادة أو حتى إقامة فعالية عابرة إلا بالكاد.
وقد نظم مكتب تعز قبل أشهر قليلة حفلة غنائية للفنان “عمار العزكي” لتسقط أحجار قلعة القاهرة أعلى المهرجان على رؤوس الحاضرين وتقتل اثنين وتصيب آخرين. فيما نجا الكثير من تلك المصيبة بأعجوبة، في الوقت الذي أثارت الحادثة الاستغراب والذهول وتركت كثيرا من علامات الاستفهام.
وكان مدير مكتب الثقافة بتعز عبدالخالق سيف دون رسالة خاصة لرئيس الوزراء قبل أسبوع تقريباً يطلب فيها تمويل الفعالية غير أن ذلك لم يتم على ما يبدو.
عطاء
الشاعر الدكتور سلطان الصريمي خلال عقود من عطاء الحب والعشق لليمن غرس اسمه في وجدان اليمنيين حبا وتقديرا وإجلالاً واحتراماً. وأعدت تجربته الشعرية متفردة ومختلفة عن كثير من رفاقه الشعراء والكتاب ينقل “نيوزيمن” بعضاً منها:
المبدع والإنسان
تقول الأستاذة هدى ابلان: سلطان الصريمي-هذا الشاعر المتفرد بقربه من الناس ومن أحلامهم ومن تفاصيل حياتهم عبر لغته الشعرية والغنائية القريبة من هموم وتطلعات الإنسان اليمني في جغرافيته المتعددة الضاجة بالجمال مكاناً وإنساناً.
وتضيف: ابن المكان والنقابي العريق الذي رافق مسيرة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين منذ التأسيس وحتى الآن. متنقلاً بين مهام مختلفة كان في طليعتها الأمين العام ونائب الأمين العام في عدة مراحل.
وتتابع: الصريمي هو المؤسس المخضرم لاتحاد الأدباء الذي جمع بين شعر أبيض وقلب أكثر إشراقاً وشباباً وبهاء المساحة من قلب الوطن. فهو الحاضر بيننا يملؤه حباً وقداسة ومهابة.
مختتمة: يكفي أنه داعٍ نبيل لوحدة الاتحاد وتماسكه وأكثر اشتغالا على خياراته الحضارية المتقدمة المتمثلة في دعم تجربة المرأة وحضور الاتحاد كقلعة للثقافة والحرية والجمال.
تجاوز
من جانبه يقول محمد الشيباني: تضيف تجربة الشاعر سلطان الصريمي الشيء الكثير لكتابة الشعر العامي في اليمن. والتجديدات التي اقترحتها تجاوزت حضور النص المكتوب خصيصاً ليغنى إلى تلك النصوص التي قدمها الشاعر كخلاصة وتجربة ورؤية وموقف -وإن وجدت طريقها إلى أجندة الملحنين والفنانين- وأعني هنا نص أبجدية البحر والثورة الذي أدته فرقة “الطريق” بعدن في ثمانينيات القرن الماضي.
وأضاف: هذه التجربة باقتراحاتها الفنية تشكل إلى جانب تجربتي الراحل الكبير عبد الله سلام ناجي، والشاعر محمد عبد الباري الفتيح “الصوت الخاص” في كتابة الشعر العامي في اليمن.
متعدد المواهب
وعن حجم الموهبة والإبداع في الشاعر الصريمي، قال رئيس نقابة الصحفيين الأسبق عبدالباري طاهر: كثيرون هم أولئك الذي يعرفون سلطان الصريمي شاعراً وشاعراً كبيراً. والقليلون هم الذين يعرفون أن هذا الشاعر الكبير متعدد القدرات والمواهب حد الإدهاش. فهو إداري كفء ومحاسب حقيقي ومثقف وذو تجربة صحفية لم يتح لها فرصة الاستمرارية والإعلان. كما أنه مناضل ثوري يساري وقائد حزبي عتيد. وهو فوق ذلك باحث مهم، وأستاذ أكاديمي مرموق.
“يا ليت أحبابي قريب
ساقولهم
عشق المشوِّق للطلوع
مش للنزول”.
كرَّم اليمن
سلطان العاشق والمحب والسياسي والمثقف والحكيم والساخر والفنان شكل مزيجاً متفرداً للتجربة والوجدان الشعري. وباتت قصائده منهلا للفن والعشق والنقد معا ليس في اليمن فحسب ولكن أيضاً في العالم العربي. وهو بحد ذاته يعد ثورة إبداعية مذهلة وتجربة أدبية كرمت اليمن بشكل عام وتعز بشكل خاص وقبل أن يتم تكريمه.
نقلا عن موقع “نيوز يمن”.