لسبب ما كان ضياء الحق الأهدل يتمتع بذكاء عاطفي واجتماعي كبير
أحمد شوقي_ “تعز البوم”:
لسبب ما كان ضياء الحق الأهدل يتمتع بذكاء عاطفي واجتماعي كبير، كان متواضعاً وخدوماً، ومرناً وقادراً على التواصل مع من يختلف معهم، بل لعلك حين تحادثه تشعر أنه أكثر قيادات الإصلاح قدرة على التواصل والتجاوب مع المختلفين.
فوق ذلك، كان ضياء الحق طموحاً للغاية، وودوداً، وفي الأسابيع الأولى للحرب، برز الأهدل وهو من قيادات الصف الثالث داخل حزب الإصلاح، ليكون الرجل الأول للإصلاح على الأرض، بعد هروب وغياب معظم القيادات الفاعلة والتي عادت لاحقاً إلى تعز.
خلال 2011 وعقب إحراق الساحة، انخرط ضياء الحق ضمن الدعم اللوجستي للعمل العسكري في الثورة “أنصار الثورة” وحصل على رتبة عقيد من الفرقة الأولى مدرع ضمن عدد من الرتب التي منحت من قبل الفريق علي محسن لعدد من نشطاء الثورة المحسوبين على التجمع اليمني للإصلاح.
أما في 2015، فقد عمل ضياء الحق مقرراً لمجلس تنسيق المقاومة الذي كان يقوده الشيخ حمود سعيد المخلافي، لعب ضياء الأهدل دوراً فاعلاً من خلال قربه من الشيخ حمود المخلافي والذي كان آنذاك متململاً من هروب قيادات الإصلاح، وهو التململ الذي احتواه الأهدل بطرقٍ عدّة لضمان عدم تنصل الشيخ حمود المخلافي عن حزبه، وكي يكون بجواره مسانداً وضابطاً لإيقاعه.
تولى الأستاذ ضياء الحق العديد من الملفات المهمة خلال الحرب، من بينها ملف اعتقال عدد ممن اشتبه بهم، سواءً بنشاطهم لصالح الحوثي، أو بخصومتهم مع “المقاومة”، كما تولى ملف الأسرى وشارك في لقاءات تفاوضية مع المليشيات وساهم بإنجاح العديد من صفقات تبادل الأسرى بين المقاومة والجيش من جهة، ومليشيات الحوثي من جهة أخرى.
على الجانب الآخر، وكما قلت، تمتع ضياء الحق بذكاء اجتماعي عالٍ فكان حاضراً دائماً في المناسبات والأعراس والعزاءات لكل الشخصيات الفاعلة في المشهد، بمن فيهم النشطاء العاديون، كان ضياء الحق يحضر ويقدم التهاني والتعازي ويجامل ويتودد للجميع ويلاطفهم.
بصدق، ما زلتُ أسيراً للصدمة، وأكتبُ مرغماً عن ضياء الحق اليوم، رُغم شعوري بعدم القدرة على الكتابة وعدم القدرة على تصور المشهد، خصوصاً وأني كنتُ على تواصل معه خلال الأشهر الأخيرة لمساعدتي في تعبئة استبيانات تخص بحث كنتُ أعده حول الاتصال الشخصي في الأحزاب السياسية، ورُغم الاتهامات والغموض الذي كان يكتنف شخصية ضياء الأهدل إلا أني تواصلت به لاعتقادي بأنه الشخص الوحيد الذي يمكن أن يتعاون بجدية لإنجاز هذا البحث الهام والذي لم يكتب له التمام حتى الآن.
من جهة أخرى، فإن قناعتي الشخصية أن ضياء الأهدل رُغم أهميته وفاعليته في الواقع العسكري وتوليه عدد من الملفات الأمنية واللوجستية، يصعب استهدافه من قبل الخصوم، كون وزنه وتأثيره ينحصر فيما لديه من اسرار ومعلومات وقضايا حساسة، وأعتقد أن الخصوم بحاجة لمعرفة ما لديه من أسرار وليس اغتياله.
أما بالنسبة لـ “الإصلاح” فقد كان ضياء الحق القيادي الإصلاحي الوحيد الذي برز بهذه السرعة، وليكون القيادي الذي تسلط عليه الأضواء، وفي نفس الوقت، هو احد قادة الظل المؤثرين، دون أن يكون له مصاهرات أو نفوذ، أو كتلة اجتماعية أو قبيلة أو عصبية أو قوة عسكرية، بمعنى أنه حصل على دوره بجهده الشخصي، وبلمسة شجاعة إبان مساهمته الفاعلة في مجلس المقاومة بداية الحرب.
في الأخير: جرائم الاغتيال مُرعبة، مهما كانت الدوافع والضحايا، وبالنسبة لضياء الحق، فبصدق فقدنا حلقة تواصل إيجابية مع حزب الإصلاح، أما بخصوص الاتهامات التي صُدرت له، فهي تظل اتهامات حتى يتضح صدقها من كذبها في قادم الأيام – وقد لا يحدث ذلك – وبالمثل فإن إلقاء التُهم اليوم يمنة ويسرة حول المسؤولين عن اغتياله يُعد – برأيي – تشويشاً على جريمة الاغتيال، إذ أن عملية اغتيال ضياء الأهدل تمت وسط مدينة تعز، في بيئة صديقة له ويصعب اختراقها، وعلى بُعد أمتار من مقرات عسكرية وحزبية، وكما يعلم الجميع، فمدينة تعز صغيرة، والكثير من سكانها يعرفون بعضهم، وتنتشر فيها كاميرات المراقبة، كما أن الأجهزة الأمنية ليست عاجزةعن كشف المتورطين في الجريمة للرأي العام، إذا توفرت الإرادة السياسية لذلك.
أعبر عن حزني وتعازيّ الحارة لأسرة الأستاذ ضياء الحق على هذا المصاب الجلل وأدين بشدة هذه الجريمة المروِّعة التي تبشر بالأسوا، وتفتح الباب لإرهاب القادة السياسيين في تعز واستهدافهم في قادم، وهو ما لا أتمنى حدوثه، لكن هذا يتطلب رأياً عاماً جاداً وقوياً وفاعلاً في الضغط على أجهزة السلطة المحلية والأجهزة الأمنية والعسكرية لبذل جهودها وكشف المتورطين بارتكاب هذه الجريمة، وفي حال تم تمييعها فعلينا أن ننتظر الأسوأ مستقبلاً، وأرجو أن أكون مخطئاً تماماً في ذلك.
كما أعزي زملائي من نشطاء وأعضاء التجمع اليمني للإصلاح بهذا المصاب، راجياً أن لا يكون ضياء الأهدل آخر قيادي إصلاحي منفتح ومتعاون ومستعد للحوار مع القوى السياسية الأخرى، وأن نتمكن في القريب العاجل من معرفة الجناة ومحرضيهم وإدانتهم ومحاكمتهم.
حفظ الله بلدنا ومدينتنا العزيزة “تعز” وجنبنا جميعاً كل مكروه، والخزي والعار للخونة والمتآمرين ومثيري الفوضى والفتن,,
من صفحة الكاتب على “فيسبوك”