ظهور سفينة حربية في بحر الاسكندرية من العهد البطلمي
كشفت البعثة الأثرية المصرية الفرنسية التي تعمل في مدينة هيراكليون الغارقة بخليج أبي قير بالإسكندرية عن حطام سفينة حربية غارقة تعود إلى العصر البطلمي، وبقايا منطقة جنائزية إغريقية ترجع إلى بداية القرن الرابع قبل الميلاد.
منوعات – تعز اليوم :
وبحسب بيان وزارة الآثار المصرية، “فإن السفينة المكتشفة كان من المقرر لها أن ترسو في القناة التي كانت تتدفق على طول الوجه القبلي لمعبد آمون، ولكنها غرقت نتيجة انهيار المعبد وسقوط كتل حجرية ضخمة عليها نتيجة وقوع زلزال مدمر خلال القرن الثاني قبل الميلاد، وقد أسهم سقوط تلك الكتل الضخمة في الحفاظ على السفينة أسفل القناة العميقة المليئة الآن بحطام المعبد المتهدم في بقايا مدينة هيراكليون الغارقة.
وكانت مدينة هيراكليون على مدى قرون أكبر ميناء في مصر على البحر المتوسط قبل تأسيس مدينة الإسكندرية عام 331 قبل الميلاد. وعلى مدار الزمن وقعت عدة زلازل تلتها موجات من المد تسببت في هشاشة الأرض وانهيار جزء من دلتا النيل مساحته تصل إلى نحو 110 كيلومترات مربعة، إضافة إلى انهيار مدينتي هيراكليون وكانوب تحت سطح البحر، وأعيد اكتشافهما بواسطة بعثة المعهد الأوربي للآثار الغارقة بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار في الفترة من 1999 حتى 2001.
السفينة الغارقة
وأكد فرانك جوديو رئيس بعثة المعهد الأوروبي، في بيان صحافي، “أن اكتشاف السفن السريعة التي تعود إلى تلك الحقبة الزمنية لا يزال نادراً للغاية، وأن السفن الإغريقية من هذا النوع كانت مجهولة تماماً حتى اكتشاف السفينة بونيقية مارسالا التي تعود إلى عام (235 قبل الميلاد)، وهي المثال الوحيد الموجود لدينا الآن على مثل هذا النوع من السفن”.
وأضاف، “أن الدراسات الأولية تشير إلى أن السفينة كانت طويلة حيث يبلغ طولها أكثر من 25 متراً، وقد تم بناء البدن وفقاً للطراز الكلاسيكي الذي يعتمد على تقنية الدسرة والنقرة، ومع ذلك فإنها تحتوي على مميزات الطراز المصري القديم وبالتالي فهي نوع مختلط من البناء، وتتسم بقاع مسطح ولها عارضة مسطحة وهو طراز مفيد للملاحة في نهر النيل وداخل الدلتا إلى جانب الملاحة في البحار، وكانت ذات مجاديف مزودة بشراع كبير كما يتضح من شكل الصاري ذي الأبعاد الكبيرة”.
أهمية الكشف الأثري
ما هي قيمة هذا الكشف الأثري وماذا يمثل اكتشاف حطام هذه السفينة، يقول إيهاب فهمي، رئيس الإدارة المركزية للآثار الغارقة لـ”اندبندنت عربية”، “أي كشف أثري جديد يضيف معلومة أو ينفيها عن حقبة معينة من التاريخ بعد إجراء دراسات مستفيضة عنه، وهذا الطراز من السفن لم يكتشف منه سابقاً غير سفينة واحدة. وبالطبع اكتشاف آخر من النوع نفسه سيقدم معلومات إضافية عن طبيعة السفن التي كانت مستخدمة خلال هذه الفترة”. يضيف، “أن السفينة تجمع في تصميمها بين الطراز المصري واليوناني وهذا كان شائعاً بشكل عام، فالجمع بين طرز متنوعة لحضارات مختلفة والاقتباس منه هو أمر متعارف عليه؛ لأن الحضارات تتمازج مع بعضها. والدراسات المتعمقة ستساعد في التعرف إلى الفترة الزمنية الدقيقة التي صنعت فيها السفينة، إضافة إلى استنتاج هل صنعت في مصر أم خارجها؟”.
ميناء هيراكليون
من أهم ما يميز مدينة هيراكليون كان الميناء الكبير الذي كان مركزاً تجارياً ومقراً للسفن المقبلة إلى مصر من الخارج، عن أهميته يذكر فهمي، “كان هذا الميناء من أهم الموانئ في مصر آنذاك ويمكن اعتباره بوابة أساسية للسفن المقبلة من الخارج، والأمر الذي يطلعنا عليه الكشف الأخير هو أن الميناء لم يكن فقط مخصصاً للأغراض التجارية وإنما كان يستقبل السفن الحربية كالسفينة المكتشفة أخيراً، مما يدل على أهميته كميناء رئيس في المنطقة يستخدم لأغراض مختلفة خلال تلك الحقبة”. يوضح “أنه تم اكتشاف حطام تلك السفينة تحت ما يقرب من 5 أمتار من الطين الصلب في قاع البحر المتوسط الذي وجدت فيه أجزاء وبقايا من معبد آمون المتهدم باستخدام أجهزة الحفائر التحت مائية الحديثة”.
اكتشاف منطقة جنائزية إغريقية
إضافة إلى اكتشاف حطام السفينة الحربية نجحت البعثة في العثور على بقايا منطقة جنائزية إغريقية تعود إلى بداية القرن الرابع قبل الميلاد، وعن أهميتها يقول رئيس إدارة الآثار الغارقة، “المنطقة الجنائزية المكتشفة تقع عند مدخل القناة الشمالي الشرقي للمدينة مما يشير إلى وجود كبير للتجار اليونانيين الذين عاشوا في تلك المنطقة وتحكموا في مدخل مصر عند مصب الفرع الكانوبي لنهر النيل، حيث تم السماح لهم باستيطانها خلال العصر الفرعوني المتأخر، وأقاموا معابدهم الجنائزية بالقرب من المعبد الرئيس للإله آمون الذي كان موجوداً في هذه المنطقة”. يضيف “نظراً للكوارث الطبيعية المتعاقبة دمرت المنطقة وتم اكتشاف بقاياها الأثرية المختلطة مستقرة بمعبد آمون، وفي حالة ممتازة في القناة العميقة أثناء الهبوط الأرضي الناجم عن ظاهرة هشاشة الأرض، وتُعد تلك الآثار شاهداً على ثراء معابد تلك المدينة الواقعة الآن تحت سطح البحر المتوسط على بعد 7 كيلومترات من شاطئ أبي قير”.
المصدر الاندبندنت.