بعد توقف دعم المنظمات..مستشفيات مهددة بالإغلاق في تعز
بعد أربعة أشهر من توقف دعم المنظمات، ساءت مؤخراًً أوضاع بعض المستشفيات في مدينة تعز، وتراجع مستوى أدائها وخدماتها الطبية، المقدّمة لآلاف المرضى، وشحّت إمكانياتها، واشتدت حاجتها للمياه والوقود والأدوية والأكسجين، ومستلزمات التعقيم، كما انقطعت الحوافز المالية فيها عن عشرات الموظّفين المتعاقدين، الذّين تأثر مستوى أدائهم، وتدهورت أوضاعهم المادّية والمعيشية.
متابعات_ تعز اليوم:
المستشفى اليمني – السويدي المعروف ب”النّقطة الرابع”، الذي يعد المرفق الصحيّ الوحيد الخاص بالأطفال، تضرر بشكل ملحوظ جراء توقّف المساعدات المقدّمة له من منظمة ‘أطباء بلا حدود’، إذْ أضحى اليوم مهدداً بالإغلاق وإيقاف خدماته التي يقدّمها لعشرات آلاف الأطفال في المدينة وضواحيها.
وأعلنت ‘أطباء بلا حدود’، أواخر مارس الماضي، عن إيقاف دعمها المقدّم لهيئة ‘مستشفى الثورة العام’ و’مستشفى المظفر’، الأمر الذي فاقم من معانات تلك المرافق بنسب متفاوتة، وجعلها أمام أزمة واختلالات وإشكاليات واحتياجات متعددة الأوجه، كما أثّر على مُجريات عملها، وجعل بعضها عُرضة للإيقاف المؤقت عن العمل، كما حدث سابقاً في ‘مستشفى الثورة’، الذي توقّف مؤقتاً عن العمل في مختلف أقسامه، لعدم توفّر مادة الديزل.
شكّل ذلك عبئاً كبيراً على “المستشفى اليمني – السويدي”، الذي عجز عن توفير رواتب عشرات الموظفين المتعاقدين فيه، وتقديم الأدوية وغيرها من الخدمات الصحية مجاناً، في مسعى للتخفيف من مُعانات أُسر الأطفال المرضى، التي تعيش أوضاعاً اقتصادية وإنسانية متردِّية، في ظل غلاء المعيشة والعلاجات وانقطاع الرواتب وندرة الأعمال وجفاف مصادر الدّخل.
أثار ذلك غضب الكادر الطبّي والتمريضي في المستشفى، فنظّموا وقفات ومسيرات احتجاجية، نددوا فيها بتدهور هذا المرفق، والوضع الذي آل إليه، وتوقف خدماته، كما استنكروا تجاهل السلطة المحلية، ومكتب الصحة العامة والسكان في المحافظة، وهددوا بالتصعيد في حال استمر ذلك ولم تتم الاستجابة لمطالبهم.
وطالبوا الحكومة الشرعية بتوفير البدائل اللازمة لحل الإشكاليات العالقة أمام تقديم الخدمات الصحية لأطفال المدينة، وذلك بعد انسحاب منظمة ‘أطباء بلاحدود‘.
* تبعات
وتزايدت احتياجات المستشفى “اليمني – السويدي” للكثير من المتطلبات، وتأثّرت خدماته في مختلف الأقسام، كما توسّعت دائرة عجزه عن مواجهة كافة النفقات، بما فيها مستحقات الكادر الطبّي والتمريضي والفني المتعاقد، ما اضطره إلى إضافة تكاليف الخدمات على الآباء والأمهات، طبقاً للموظف عادل سلطان، الذي أرجع احتجاجات الموظفين إلى انسحاب منظمة ‘أطباء بلا حدود’، التي كانت تدعم جميع أقسام المستشفى، الذي يقدّم خدماته للمرضى مجاناً.
وأوضح سلطان: “كانت ‘بلا حدود’ تمنح حوافز مالية ورواتب للممرضين المتعاقدين والرسميين، الذين يتم رفع أسماؤهم من قِبل إدارة المستشفى، إلى جانب توفير الوقود والمياه والمحاليل المخبرية والأكسجين والنفقات والمستلزمات الأخرى“.
مدير مكتب الصحة في المحافظة، الدكتور راجح المليكي، ذكر لموقع “بلقيس” أن “المكتب قام بسلسلة تحركات، أبرزها: التواصل مع منظمة اليونيسيف، والاتفاق معها على توفير 11 مليون ريال شهرياً للمستشفى السويدي، إلى جانب تجديد الاتفاق مع منظمة ‘سول’، الذي ينصّ على دعم قسم التغذية فيه ب4 آلاف دولار شهرياً، فضلاً عن توفير الدّيزل والمياه ومستلزمات طبية أخرى“.
وتم تمديد الاتفاق مع منظمة “هيومن أكسس”، التي تكفّلت بتقديم ثلاثة آلاف وتسعمائة دولار، كما تم توقيع اتفاقية مع منظمة أخرى لرفد المستشفى بحاضنات جديدة، في الوقت الذي تم فيه التواصل مع منظمات أخرى للتدخل، لكنها لم ترد بعد”، حسب المليكي.
وتبقى رواتب المتعاقدين، المنقطعة منذ أشهر، من القضايا المثيرة للجدل، وإشكالية يصعب حلّها أو تغطيتها من الإيرادات أو الميزانية المتواضعة، التي لا تغطّي سوى جزء بسيط من الاحتياجات والمتطلبات، وفقاً للمسؤول الإعلامي في مستشفيي “المظفر” و”الثورة”، عبد الكريم حيدر.
يتهدد اليوم الإغلاق المستشفى “اليمني – السويدي”، وذلك بعد قرابة سبعة عقود من تقديمه للخدمات الصحية، التي دشنها العام 1953، يأتي ذلك بعد إنقطاع الدعم المقدّم من قِبل منظمة ‘أطباء بلاحدود’، ما أدّى إلى عجز المستشفى عن تقديم خدماته الطبية المجانية للأطفال، في أقسامه المختلفة، التي تأثرت بشكل ملحوظ جراء توقف ‘بلا حدود’ عن دعم أقسام: “الحاضنات” و”حديثي الولادة” و”العناية المركزة” و”الرقود” و”الاسهالات” و”الطوارئ الإسعافية” و”العيادات الخارجية” و”المختبر” و”الصحة الإنجابية”، وغيرها، وهو ما يشير إليه نائب مدير المستشفى، الدكتور عبد الغني القياسي، الذي أضاف في حديثه لموقع بلقيس: “كانت منظمة بلا حدود تقدّم حوافز ل 144 شخصاً من الكوادر الفنية، بينهم أطباء وممرضون وأخصائيو مختبرات وعمال نظافة وحراسة، كما كانت توفّر شهرياً ألفي لتر ديزل و45 ألف لتر من المياه المالحة و60 إسطوانة أكسجين، فضلاً عن أدوية ومحاليل ومستلزمات نظافة وتعقيم، وبعض الأجهزة الطبية“.
* فجوة كبيرة
خلف انسحاب “بلاحدود” فجوة كبيرة في ميزانية المستشفى التشغيلية، التي كانت تغطّي 75% من احتياجاته ومستلزماته ونفقاته، وهو ما يفوق كثيراً الدعم المقدّم من منظمتي “سول” و”الوصول الإنساني”، الذي يشكل 15%، كما يفوق ميزانية المستشفى، التي تغطّي 10% فقط من احتياجاته التشغيلية، طبقاً للقياسي، الذي أوضح أن “ميزانية المستشفى تصل إلى مليونين وستمائة ألف ريال، وهي مبوّبة منذ العام 2006، ما يجعلها اليوم ضئيلة جداً، وغير كافية، لتغطية أبسط الأشياء في ظل ارتفاع سعر الدّولار“.
ويتلقّى المستشفى مساعدات متقطّعة من منظمة “سول”، تقتصر على قسم سُوء التغذية وتقديم حافز ضئيل ل17 فنياً، فيما يحصل من منظمة “الوصول الإنساني” على دعم شحيح وغير منتظم، يتمثّل في توفير بعض الأدوية الإسعافية وحوافز ل16 فنياً في قسم الطوارئ التوليدية.
ويصل قوام الكادر العامل في المستشفى إلى 224، يشكّل الموظفون الرسميون 25 % منهم، بينما يشكّل المتعاقدون نسبة 75%، وهو ما أوقع هذا المرفق في مأزق حقيقي، جراء عزوف المتعاقدين عن العمل، لعدم قدرته على دفع مستحقاتهم، رغم فرضه رسوما رمزية على المستفيدين من خدماته، وهو ما يعجز المواطنون عن تحمّله، حد تعبير القياسي.
ويفتقر المستشفى اليوم للأدوية المجانية، وغيرها من المتطلبات، وتشتد حاجته الشهرية لقرابة 5 آلاف لتر ديزل، و180 ألف لتر ماء، و450 اسطوانة أكسجين، إلى جانب محاليل مخبرية، وأجهزة ومستلزمات طبية،
وأدوات نظافة وتعقيم، وحوافز للمتعاقدين، وصيانة للبنية التحتية، وتجهيز، وتأثيث بعض الأقسام، ما أثر سلباً على الخدمات المقدّمة للمترددين عليه، الذين بلغوا -العام الماضي- 270 ألف مستفيد.
المصدر موقع قناة “بلقيس”.