عسكرة جامعة تعز.. استباحة الحرم الجامعي واعتداءات متواصلة على الأكاديميين

تشهد جامعة تعز اعتداءات متكررة يطال حرمها الجامعي، وكادرها الأكاديمي والإداري؛ كان آخرها الاعتداء الذي طال نائب رئيس الجامعة لشؤون الطلاب رياض العقاب من قبل ضابط في القوات العسكرية التابعة لحكومة هادي؛ مما أدى إلى توقف العملية التعليمية بعد أن تم استئنافها منذ ثلاثة أسابيع، إذ كانت متوقفة نتيجة للإجراءات الاحترازية لمكافحة فيروس كورونا.

رأفت الوافي – تعز اليوم:

وتلقي هذه الاعتداءات، التي تشمل أيضًا السطو على أراضيها واستخدام مبانيها كمقرات عسكرية، بتبعات قاتمة على العملية التعليمية في محافظة تعز جنوب غربي اليمن، إذ يتعرض الأكاديميون والعاملون في الجامعة لتهديدات متواصلة طالت بعضها رأس الهرم الأكاديمي، كما حصل لرئيس الجامعة الدكتور محمد الشعيبي الذي تعرض لمحاولة اغتيال في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2018، ونتج عنها إصابته ومقتل مرافقه.

رئيس الدائرة الإعلامية بجامعة تعز الدكتور منصور القدسي يشرح ما حصل لنائب رئيس الجامعة لشؤون الطلاب، بالقول، إن ضابطًا عسكريًّا قام بالتهجم على الدكتور رياض العقاب بدعوى عدم ظهور نتيجة إحدى قريباته وهي طالبة في كلية الطب بالجامعة، على الرغم من تشكيل لجنة للبحث في وضعية الطالبة، لكنه لم يتفهم ذلك فبدأ يهدد ويتوعد، ثم قام بالاعتداء على سيارة نائب رئيس الجامعة لشؤون الطلاب الدكتور رياض العقاب المتوقفة أمام مبنى الجامعة.

ويؤكد القدسي أن الجامعة تواجه صعوبات في تسيير العملية التعليمية في ظل الأوضاع الراهنة والعمل تحت تهديد السلاح، لذا جاء قرار توقيفها بعد دراسة كل الخيارات المتاحة من قبل مجلس الجامعة في ظل تغاضي الجهات المعنية وعدم اهتمامها بما تتعرض له جامعة تعز، بل كان هناك إجراءات استفزازية كما حصل مؤخرًا بإقدام السلطات المعنية بالإفراج عن المتهمين بمحاولة اغتيال رئيس الجامعة وعدم تنفيذ الأوامر القهرية القضائية التي أصدرتها النيابة الجزائية بالقبض على بقية الأفراد المتهمين بمحاولة الاغتيال، بحسب خيوط.

من جانبه، قال الناطق باسم محور تعز التابع لحكومة هادي، عبدالباسط البحر، إنه تم توقيف المتهم بالاعتداء على نائب رئيس الجامعة بعد تلقيهم بلاغًا من قيادة الجامعة، وتم إيداعه في سجن الشرطة العسكرية، وبحسب القانون سوف يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة بهذا الخصوص.

تعليق الدارسة

نتيجة لهذه الاعتداءات المتكررة التي تتعرض لها جامعة تعز، وآخرها حادثة الاعتداء على نائب رئيس الجامعة رياض العقاب، سارعت قيادة الجامعة لتنظيم مؤتمر صحفي بهذا الخصوص عقدته يوم الأربعاء الماضي 16 يونيو/ حزيران، وضعت فيه مجموعة من المطالب التي على السلطات المحلية والأمنية تنفيذها كشرط أساسي لتعليق قرار إيقاف الدراسة في جامعة تعز.

تتضمن هذه المطالب والشروط، القبض على المتهمين بمحاولة اغتيال رئيس الجامعة، وتقديم عبدالحكيم الشجاع المتهم بالاعتداء على نائب رئيس الجامعة لشؤون الطلاب رياض العقاب إلى المحاكمة، وتسليم مبنى كلية الطب الذي يسيطر عليه اللواء الخامس حرس في المحافظة.

نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا صادق الشميري يؤكد أن قرار تعليق الدراسة جاء بعد اعتداءات متكررة وتهديدات متواصلة تتعرض لها الجامعة وكادرها التعليمي، في ظل تقاعس السلطات الأمنية في القيام بدورها؛ لذا على السلطات المحلية -وفق حديثه- تنفيذ هذه الشروط المشروعة لحماية الكادر الأكاديمي وردّ الاعتبار له. يتابع الشميري بالقول لخيوط: “ليس لدينا سوى كرامتنا، ولا أحد يقبل أن يذهب إلى الجامعة لتهدر كرامته”.

وتطالب جامعة تعز بخروج القوات العسكرية المتمركزة في مبنى كلية الطب، وما ترفضه الجهات العسكرية التي ترى أن لها الحق في استخدام المباني الحكومية في الظروف والأوضاع الراهنة.

السطو على أراضي الجامعة

ينص القانون اليمني رقم (21) لسنة 1995، بشأن أراضي وعقارات الدولـة في المادة رقم (4) أن “كل عبث أو عدوان يقع على أراضي وعقارات الدولة يعتبر اعتداء على حق الدولة والمجتمع وعلى كافة أجهزة الدولة وسائر أفراد المجتمع والجهات غير الحكومية، كلّ فيما يخصه، طبقًا للقوانين النافذة صيانة وحماية أراضي وعقارات الدولة ويعاقب كل من ينتهك حرمتها، وَفقًا لأحكام هذا القانون”.

رغم وجود القوانين التي تمنع وتجرم السطو على ممتلكات وأراضي الدولة إلا أن مساحة الحرم الجامعي تتعرض باستمرار لعمليات البسط والسطو بشكل كبير من قبل أفراد يستقوون برتبهم ونفوذهم العسكري.

يقول نائب مدير الشؤون القانونية في جامعة تعز فواز المخلافي إن أراضي الجامعة تعرضت للعديد من محاولة السطو منذُ 2017، إذ تم التصدي بقدر الإمكان لكثير من هذه الاعتداءات. وأشار إلى قيام عصابة مسلحة تتبع أحد الألوية العسكرية في المدينة في العام 2019، بالسطو على قطعة أرض من أراضي الجامعة تبلغ مساحتها 150 قصبة (وحدة قياس طولية تساوي 3.55 أمتار)، وشرعت في البناء بجزء كبير منها، وذلك على الرغم من صدور العديد من الأوامر القضائية بوقف هذا الاعتداء، لكنْ هناك تواطؤ في تنفيذها.

قضايا متراكمة

تعود جذور الاعتداءات على جامعة تعز لعدة قضايا متراكمة؛ منها خلاف بين جامعة تعز ومالك عمارة كانت تستخدم سكنًا للأكاديميين في منطقة وادي القاضي شمال غرب المدينة قبل اندلاع الحرب، قبل نحو ست سنوات.

في هذا الخصوص، يوضح عبدالرحمن حاجب، أمين عام جامعة تعز أنه كان هناك خلاف سابق بين أعضاء هيئة التدريس ومالك عمارة كانوا يستخدمونها سكنًا خاصًّا بهيئة التدريس قبل الحرب، والذي قام في العام 2018 المطالبة بأجور صيانة. كان على سلطة محافظة تعز دفع هذه الأجور المالية من الميزانية التشغيلية المخصصة لأضرار الحرب بالمحافظة لعدم وجود ميزانية تشغيلية في جامعة تعز.

وتعرض حاجب للاعتداء سابقًا، بسبب تأخر دفع أجور الصيانة من قبل السلطة المحلية بالمحافظة المخولة بذلك ومطالبة الجامعة بالتسديد، إذ تعرض لإطلاق النار من قبل مسلحين ومصادرة سيارته.

الجدير بالذكر، أن جامعة تعز تأسست في 19 أبريل/ نيسان 1993، وافتتحت في 11 أكتوبر/ تشرين الأول 1995 بالجهة الغربية لمدينة تعز، إذ تتكون من ثماني كليّات و17 مركزًا علميًّا ودوائر مختلفة، في حين تقع مبانيها الحديثة في منطقة حبيل سلمان بمديرية المظفر في المدخل الغربي للمدينة والتي تضم حاليًّا 5 كليات هي (الحقوق والتربية والعلوم الإدارية والتطبيقية والهندسة).

كما لديها مبانٍ أخرى في منطقة العرضي شرق المدنية وهي كلية الآداب والطب، ولها فرع في منطقة التربة الواقعة على بعد نحو 65 كيلو مترًا جنوبي غرب مدينة تعز مركز المحافظة.

وتحتضن الجامعة ما يزيد عن 25 ألف طالب وطالبة، تشكل الإناث النسبة الأكبر والتي تصل إلى 70%، وجميعهم تأثروا بسبب الاعتداءات المتكررة لحرم الجامعة وكادرها التعليمي والأكاديمي، آخرها القرار الذي أصدره المجلس بتعليق الدراسة بعد الاعتداء الأخير على نائب رئيس الجامعة لشؤون الطلاب.