توكل كرمان، امرأة تشتري الشباب الناشطين والصحفيين بالوهم والزيف والأحلام الممزوجة بقداسة شخصها ووعودها ونرجسيتها، لتستهلكهم وتطوعهم وترغمهم على الإنحناء لغرور نجاحاتها ومستقبلها وعلاقاتها، ومن ثم تتركهم أو تزج بهم في السجون..!
شباب تختارهم بعناية، تختبرهم وتختبر قناعاتهم حولها وحول مموّليها، ثم تخرجهم من بلادهم، لتتمترس بهم في صراعها وعمالتها وترزقها الطويل من الدول الدافعة أكثر، تجرهم معها لمربع المصير الإجباري الأكثر سوداوية وإغتراب، قاطعةً عنهم سبيل الرجوع وأمل العودة لحياة الإستقرار المجازية في الوطن والبيت، تأخذهم خلفها وخلف طموحها بشخصيتها المتحكمة ونرجسيتها المبالغ فيها وطغيانها المحدد لمصائر البشر المقطوعين معها، لتقرر مصيرهم، إما الطاعوية المطلقة، وأما الإتهام والتخلي، وهما مصيران ممزوجان بسنوات الغربة والبعد عن الأهل والوطن، وعن عالم الإنسان البسيط الذي كان يضمه زمنًا طويلًا بسعادة وإستقرار وإرتياح، ولو بحده المليء بالرضى والقبول، ليجد الشباب أنفسهم بالنهاية في مكان غريب عنهم وعن توقعاتهم وأحلامهم المرسومة بلا إدراك أو إستيعاب، مع أشخاص برجماتيين جدًا ومنكسرين دائمًا وراضخين لإنحناءاتهم المتكررة كل يوم..!توكل كرمان المرأة المستأسدة على الشباب اليمنيين المنقطعين عن حياتهم في مملكتها البعيدة، مجموعة الشباب العاملين معها في قناتها الممولة بأموال البيع والشراء والدفع المسبق، بعد تطويعها لهم تذكرهم بنعمتها عليهم، وعظمة شأنها في إنقاذهم، هكذا كل صباح، ومن تمرد عليها أو إعترض في ثنايا خطاباتها تسلمه للمخابرات التركية ليسقطون كبرياءه ووقوفه أو ما تبقى منه في وجهها، الصحفي عدنان الراجحي أخر مثال على بشاعة هذه المرأة في سحق الشباب الرافضين لفكرة طاعويتها، وقبله شباب الساحات، ومئات من الجرحى والقتلى الأبرياء في ميدان الجامعة، في تعامل أسوء بكثير مما هرب الشباب منه، وإنحطاط أكثر بكثير من سجون الحوثي وغرف الخونة المترزقين على دماء الأبرياء.. هذه الحقيقة بشكلها الصريح، لا أقل ولا أكثر..ذات يوم قابلت صحفي شاب كان يهذي مع نفسه في الطريق، كان كالمجنون من ويل ما صنعت به توكل كرمان، يومها كان يقول لي: خانتني هذه المرأة بعد أن تنازلت لها عن حياتي ومصيري، تركتني في الشوارع جائعًا مشردًا بلا أمل أخير للرجوع عما مضيت فيه، وحين فصلتني من مشروعها قالت لي: أنت مجنون، وموسستنا الإعلامية لا تتشرف بالمختلين عقليًا..!هذا أسوء ما قد يصادفه الإنسان في حياته، أن يجد أملًا أخيرًا في نهايات سقوطه وتلاشيه، أملًا مزيفًا يشبه مرأة مبتسمة كأنها من ملائكة السماء المنقذين، لكنها في حقيقتها المتوارية على هيئة مرأة شيطانية لها قرون، ومن فمها يخرج لعابها ليسيح على وجهها العريض، مرأة بأذنان كبيرتان ومخالب طويلة والكثير من الخيالات البشعة والشريرة عن شرورها وأنانيتها بينما تحمل متعلقاتها بيدٍ واحدة، وبيدها الأخرى خطاف حاد جاهز لسرقة ما ينقصها من الأخرين، هذه أقل إستعارة يمكننا وصفها بها، عن مرأة أحرقت وطنها الأصل بنزعة مؤقتة، ومن يفعل هدا لا يتردد في إحراق ما تبقى من أبناء الوطن المشردين ولو بأي ثمن..!
عدنان الراجحي، صحفي يمني كان يعمل معها في قناةبلقيس، قضى سنواته معها، محررًا وصحفيًا وصادقًا ومصدقًا لما إنتمى إليه، وفي لحظة وحيدة لم يتواءم فيها مع طموحات مرأة سلمته للمخابرات والتحقيقات والتعذيب، لحظة رفض فيها بأن يكون جنديًا لمخابرات ملكوتها ومموليها، رفض بأن يكون مخبرًا لتنظيمهم الدولي فزجت به في السجن وتخلت عنه، لثلاثة أعوام وهي تنتقم من مجرد شاب وثق بها وإقتنع بمشروعها المزيف، شاب مستقل بلا ظهر تنظيمي أو سند حزبي، تركته للسجون التركية الوهمية تنهش في إرادته وغايته بالإستقلالية والإستقرار، تركت شاب من ذات جلدتها لأجهزة قمعية وإتهامات ملفقة، في سردية واضحة تشبه ما يقوم به الحوثيون بصنعاء، ففي الحين الذي ترفض فيه إنتصار الحمادي الإنصياع لأجهزة قمعية طلبت تجنيدها ضمن خلاياها، ينتهي مصيرها مسجونه بتهم الدعارة والمخدرات، في سابقة تكررت مع عدنان الراجحي ببلد الإنفتاح التركي المزعوم، كأنهما وجهان لأشكال قمعية واحدة، من ناحية من يبقى بأرضه ويرفض الإنصياع يصير ضحية لسلطة الواقع هنا، ومن غادر لينجو بنفسه منهم تلقفته أيادي الوجه الأخر، ليزج في السجن والإتهامات الوضيعة، هذا المصير المشترك لشباب الوطن اليمني في الداخل والخارج نموذج متقدم عن بشاعة الأطراف التي دمرت الدولة وجلست تترزق على بقاياها، ما نحن فيه لم يحدث قط، ولم يصاغ عن خيالات الخذلان القديم، ما نحن الاّ ضحايا مشتركون لطرفين كلاهما أبشع من الأخر..!
تضامني مع الصحفي عدنان الراجحي، الشاب اليساري المستقل، والواقع بين سنداني توكل ومطرقة الإتهام بالترزق والخيانة، هذا ما وقع له في بلد الغربة والشتات والحنين الشديد إلى الماضي والرغبة في استرجاع الذكريات وتمني العودة ولو لمرة أخيرة، الإغتراب في حالة عدنان أزمة وجودية يعيشها مع الخذلان المتزايد بفعل التخلي والتبرئ منه، وهنا بعكس الانتماء،. على قدر ما يوفره الانتماء من راحة نفسية لوجود المرء في مكانه الطبيعي رغم كل شيء، هذا الاغتراب يسبب قلقًا مستمرًا للشخص الذي لا يشعر بإنتماءه لمجموعة المنكسرين لإرادة الرئيس والدافع للمرتبات، بفعل إختلافه عنهم من حيث الخلفية والتنظيم أو المرجعية والتوصية الحزبية السابقة للشخص في حياته، ليقضي سنواته في الغربة بلا إستقرار ولا رضى ولا قبول، سوى خيالات دائمة عن الوطن والعودة والأسرة والبيت والأخوة والماضي والحياة المطمئنة ولو بشكلها الأشد بساطة ومادية وحياة..!!من صفحة الكاتب على (فيسبوك).