كارثة الكوارث وقاصمة القواصم عندما نعلن تضامننا ضد مؤسسة علمية بحجم جامعة تعز، التي كانت في يوم من الايام ملء السمع والبصر؛ فحولتها الحرب العبثية بأدواتها القذرة على الأرض إلى وكر أمني عاد ليمارس أساليب السبعينيّات حيث كانوا يفتشون في عقول الناس وماضيهم كي يدينوهم..!!
جامعة تحمل اسم عاصمة الثقافة وتمارس العنصرية المناطقية البشعة في تعاطيها مع احد منتسبيها من عظماء المجتمع، الصديق والزميل والدكتور عارف الأتام..
عرفتُ الحبيب عارف الاتام Aref Alatam الذي كنت اسميه منذ ذلك التاريخ بالعتمي الحالم، أواخر العام 2004 حين كنا ندرس اللغة الانجليزية في معهد يالي الاميركي، أي قبل 17 سنة من اليوم، وأعتقد انها مدة كافية لمعرفة الشخص وتوجهاته الفكرية والتنظيمية..
أسميته العتمي الحالم نسبة إلى بلاده عتمة التي يعتز بها أيما اعتزاز، بعد ان اشتريتُ سيارتي الفيتارا 97 آنذاك وجئتُ بها إلى المعهد وكان مبتهج جداً وفرحان لي بأني حققت إنجاز انذاك واستطعتُ شراء سيارة في ظروف صعبة جدا كنت أمر بها؛ ربما تتشابه مع ظروفه حينها..
كانت لديه احلام كثيرة وطموحات كبيرة لاينفك عن الحديث عنها، لكنه كان يبدأ بحلمه الأول ان يتمكن من شراء تاكسي كي يشتغل عليه بعد دوام الصحيفة، وطال حلمه سنة تقريباً بعد ذلك التاريخ، لكنه حققه واشترى تاكسي، وبدأ بتحقيق أحلامه واحداً تلو الآخر..
لم أنس عارف منذ ذلك الحين إلى 2 نوفمبر 2019 حينما حضرت مناقشته رسالة الدكتوراه بجامعة القاهرة..
في أول يوم من شراء سيارتي ركب معي في الكرسي الخلفي والدكتورة أروى عبده عثمان أيضا زميلتنا في المعهد ركبت بجواري، وبعد ان اوصلناها؛ بدلاً من النزول والمجيئ من الباب قال لي امشي بس وقرر ان يختصر المشوار ويقفز للكرسي الأمامي من الداخل، وفيما هو بين الكرسيين اعترضني متر فمسكت بريك قوي، خبط عارف في الزجاج الامامي وكسر المراية الأمامية مع الزجاج، ولازال الزجاج مكسوراً إلى ان بعتها قبل سنة من اليوم..
كنت كلما رأيت الزجاج المكسور أذكر عارف رعاه الله..
عارف ايها التعزيون المثقفون؛ وأسف ان نصل إلى هذه اللهجة الغبية في الخطاب؛ إنسان مكافح، لايمكن ان يكون مناطقيا ولافئوياً ولا أيدلوجياً غبياً.. عارف إنسان نقي كقطر السماء، كافح بجهده واجتهاده حتى بلغ ناصية المجد بذاته وعصاميته وجهده..
لأكثر من سنة ونحن نتواعد في القاهرة كي نلتقي، وفي كل مرة كانت تأتيه مواعيد الجامعة والمشرف ومتطلباته وتقف عائقا امام اللقاء، كان يشكو لي هاتفياً من ظروفه الصعبة وتأثير الحرب عليه، لكنه استطاع بهمته ان يصل..
تضامننا الكامل معك ايها النقي، ولاعزاء لهذا الزمن الرديئ الذي حول الجامعات إلى اوكار امنية مخابراتية لذاك وتلك، واعتبروهم بوصلة الوطنية، من كان معهم منحوه الصك، ومن خالفهم فهو خائن مدسوس..
الاستاذ الدكتور محمد الشعيبي رئيس جامعة تعز، قضية الدكتور عارف الاتام قضيتك الشخصية، وانتصارك له، هو انتصار لذاتك ومنصبك في الجامعة، وللنظام والقانون الذي يحكم الجميع.. أملنا ان تلغي هذا العبث وتعيد الحق إلى نصابه بإعادة الدكتور عارف لعمله، ورد اعتباره أمام طلبته وأسرته وزملائه وكل من عرفه.. مع أسمى اعتباري.