الوداع للرفيق اديب الجناني
أحمد النويهي_ تعز اليوم:
لا تزال “شيبة” قريته تلك القرية العزلاء المنسية غرب جبل حبشي ثوت خلف الجبال بالقرب من مقبنة إلى جوارها أحراش الكدحة وحمام الطوير ..تمتد هناك اليمن الاسم الشاسع والكبير ..كل تلك الجغرافيا البدائية يسمونها إدارياً “اليمن” تمتد عبر سهول وجبال وتمتاز بانها بيئة مراعي تزرع موسمياً..التعليم فيها شحيح مخرجاتها يذهبون لرعي الأغنام والإبل ..
خرج أديب من قرية عزلاء منفية ومنسية والتحق برفاقه في القرية المجاورة “الأشروح” ليدرس هناك حتى انهى الثانوية العامة ثم التحق بالمدينة ليشق طريق الجامعة ..
اديب ينتسب للجموع المسحوقة من ابناء هذا البلد ..بطبعه القروي المبرأ من غبار الكلام قدم رسالته الإعلامية بصدق وتحرى كل كلمة ارسلها لمواقع العمل التي اشتغل لها ومن خلالها ..ببساطته بسحنته السمراء كان يمنياً بامتياز تدفق صوته المشتشبت بلكنة باديته وريفه الأكثر طهراً من أوحال المدنية الرثة في ابشع صورها ..عاش اديب محافظاً على نقاوته حين توحلت القنوات واوغلت في بث حروب آخرى على شاشاتها كان اديب يتدفق غزيراً كما تدفقت روحه حين تقدم الصفوف وقت انهمار الصواريخ ليدون لحظة انتصار عاشتها المدينة التي عشقها وحبها وسكنها جوار البحر ..
لا اعرف متى في صوت أمي سمعت اسم قرية “شبيه” عشت العمر في صنعاء وانا اشتاق لمعرفة تلك الجغرافيا المنسية حتى زرتها وقد غابت امي في صنعاء حين تبادلنا المواقع صرت نازح غرب الله في نواحي جبل حبشي وصارت أمي هنا خلف السماء..كنت أتمنى أن تسمع امي عني انني عرفت “شبيه” التي كانت تومي لي باصابعها باناملها بكفوفها وانا اسأل كالملهوف امه مو في هناك ايش اسم القرية اللي هناك لما تغرب الشمس .؟
كانت تقول لي يبني اونك الاشروح وجنبه شبيه الكدحة.. كانت الشمس تغرب هناك حين اشرق اديب من خلف الشمس ليسطع رابعة النهار عند بحرها عدن..
ارتقى اديب وسط مطار عدن وهو يلهج بالحقيقة لاغيرها..
هذا النبيل الذي شوطنا معاً تلك القرى المعزولة والمنفية حين وقفنا هناك نقرأ تجاويف الجغرافيا ندون سيرة النزوح واعدادهم لصالح منظمة تعمل في مجال تتبع النازحين لتعيد توطينهم خارج مربعات الموت، تلك القرية التي قضينا فيها يوم شاسع اختزل حجم مأساتنا والملهاة.
الخلود لسيرته هذا المبرأ من شوائب الجوقة الإعلامية وحفلات السوشال ميديا وهي تشنع بالضحايا في سوق تجارة الحرب، لأديب الجناني الخلود ولقريته العزلاء المنسية عظيم العزاء ووافر التحية.