الحالة الأمنية في تعز تمام التمام، وكل العصاة تحت السيطرة، بدليل أن قيادة المحور العسكري تصدر في كل أسبوع قائمة بأسماء المطلوبين أمنياً، فيخيل للناس أنها قد أبصرت وَسمَت قِداحها! ولكنهم يكتشفون أن المطلوبين هم هم في كل مرة، والأجهزة الأمنية -ياسين عليها ياسين- تجرد كل يومين حملة لملاحقة المطلوبين أمنياً، ثم ترجع دون مطلوبين، فإن تبين لقواد الحملة أنهم اتجهوا إلى المكان الخطأ، لاحقوا المطلوبين إلى ديوان الحكومة للمقيل معهم والتملق لهم، وقلد الله المحامين الذين كتبوا عن هذه المهازل.. وجرت عادة تلك الحملات أنها قبل العودة من مهمات الملاحقة تقتل بريئا هنا، وتعبث بمساكين هناك، ويلي ذلك التقليد الراسخ لدى المحور، وهو إصدار بلاغ صحافي أو بيان يتضمن إقراراً بوقوع تجاوزات ليس من مهام الحاملين، بل ناتجة عن خطأ ما أو سوء فهم، على أنك حين تقرأ البيان أو البلاغ المضحك، يستقر في بالك اعتقاد أن كاتبه جحا العربي..
وبالمناسبة يقف المرء على مضحكات تأتي من الكبار، نذكر واحدة منها، لكن لا شيء يتيح فرصة لإجراء مقارنة.. ففي النصف الأول من شهر نوفمبر الماضي، أعلن الأمين العام لهيئة مكافحة المخدرات في تايلاند أن الهيئة ضبطت 11 طناً ونصف الطن مخدرات تصل قيمتها السوقية إلى مليار دولار، وأن هذه هي أكبر عملية من نوعها تتم في تاريخ البلاد حتى يوم 12 نوفمبر 2020، وضبطت هذه الكمية في مخزن أحد التجار بناءً على معلومات تلقتها الهيئة من تايوان!! المخدرات عبارة عن مسحوق الكيتامين المخدر المسبب للهلوسة والذي يتم تعاطيه في الحفلات عادة.. بعد أسبوعين من الاكتشاف ظهر وزير العدل هناك يصحح، قال: حدث خطأ تقني في الاختبارات.. لم تكن كيتامين.. إنه مسحوق أبيض من مادة الفوسفات ثلاثي الصوديوم، التي تدخل في صناعة المستحضرات المزيلة للبقع، وتستخدم في تجويد طعم بعض المأكولات أيضاً.. أما عند الحوثيين فوزن الدفعة الأسبوعية من المخدرات ليس 11 طناً ونصف الطن، بل 286 طناً، وثمة فارق كبير، هو أن الكورية مسحوق تنظيف، ومع ذلك ضبط، أما الأطنان الحوثية فأصحابها يضبطون بسلام، ويضبطون بعد ما يكملون توزيعها في السوق دون بيان قيمتها السوقية، ودون الإفصاح عن السوقة بني السوقة المستفيدين من القيمة.. وعند الحوثيين -أيضا ودائما- يرتبط مهربو المخدرات بكائن وهمي، يدعى قوى العدوان، فيوم الأحد الماضي قال بيان لوزارة داخليتهم أن لا مشغلة ولا شغل للقادة العسكريين السعوديين والإماراتيين الماكرين، سوى تزويد المهربين بالكميات اللازمة من أصناف المخدرات، ثم إنهم يشرفون على المهربين للتأكد أنهم يوزعون الأصناف توزيعا سليما في العاصمة صنعاء والمحافظات الواقعة تحت الادارة الحوثية، ولم يحتط كتبة البيان لذكاء المتلقين، حيث جعلوا للكائن الوهمي مشرفين أسوة بالمشرفين في الجماعة الحوثية! ويقولون لك: الكميات اللازمة، مسقطين من حسابهم سؤالك: ما دراكم أنها هي الكميات اللازمة؟
في شأن أمني آخر، ووسط مدينة الضالع، اغتيل الدكتور خالد عبده الحميدي عميد كلية التربية في المحافظة، فخسرنا إنسانا وأكاديميا، ولازم زملاؤه بيوتهم بسبب تهديدهم بالقتل، وتعطلت الدراسة في الكلية.. كان الدكتور خالد الحميدي يسير وسط المدينة يوم السبت، غير آبه للتهديد المسبق، فجاءه المهددون جادون مسلحون ملثمون على دراجة نارية كعادة عناصر الجماعات الإرهابية، وشن أحدهم على أنحاء جسده مجموعة رصاص من رشاش آلي فأرداه وولوا آمنين.. إن لم يصل رجال الحزام الأمني إلى قتلة الدكتور خالد الحميدي ليتم الاقتصاص منهم، وتتحقق النصفة في أقصر وقت، فإن نجاتهم من القصاص عار يكفي حزام الضالع إلى يوم يبعثون.
،،،
صديقنا الذي فرقت بينه وبيننا عقد الأزمة اليمنية، ثم انقطعت أخباره عنا، تبين لنا أنه كان في داره بمدينة عدن يعاني اعتلال البدن منذ زمن غير قليل، وكانت تعلم الحكومة الشرعية بذلك، كما يعلم به العيال الذين ارتقوا إلى المكتب الإعلامي للرئيس هادي.. كان يمكن إنقاذه بمنحة علاجية ولو في مشفى عدني، لكنهم خذلوا الصحافي المجرب عارف محفوظ، فمات يوم الأحد.