التحالف يحرم اليمنيين من الثروة السمكية ..(احصائيات)
يضرب غلاء فاحش أسواق الأسماك في اليمن، في ظل انخفاض حاد في المعروض، بسبب توسّع ظاهرة الاعتداء على الصيادين في سواحل ومواقع الاصطياد اليمنية على البحر الأحمر من قبل قوات محسوبة على الإمارات، فضلا عن الاختطافات المتواصلة التي تتعرض لها قوارب الصيد والصيادون اليمنيون من قبل قوات خفر السواحل الإريترية.
متابعات – تعز اليوم :
وقفزت أسعار الكثير من الأصناف بنسب حادة، حيث زاد سعر سمك الديرك أو “الكنعد” إلى نحو 10 آلاف ريال للكيلوغرام الواحد (12.7 دولارا وفق سعر السوق الموازية في عدن) مقابل 4 آلاف ريال سابقاً، بزيادة بلغت نسبتها 150%.
ولم يعد بمقدور أغلب اليمنيين توفير أهم منتج غذائي، حيث يعاني أكثر من 70% من السكان من الفقر، وفق البيانات الرسمية المحلية والدولية، بسبب تداعيات الحرب المستمرة منذ نحو خمس سنوات.
وأكد متعاملون في عدد من أسواق الأسماك في عدن ارتفاع سمكة “الباغة” التي لم يكن يتعدى سعرها 200 ريال إلى أكثر من 500 ريال، ولا تزال الأسواق تشهد ارتفاعات متواصلة بشكل يومي، في حين زادت السلة الواحدة من هذا الصنف والتي تحتوي على نحو 12 سمكة صغيرة الحجم من 3 آلاف ريال إلى 4500 ريال.
وأفاد المواطن عمار باخشن، من سكان مدينة عدن الساحلية جنوب اليمن، بأن هناك ارتفاعا كبيرا غير مألوف في أسعار الأسماك في مدينة ساحلية مفترض ألا تشهد مثل هذه الأسعار، لتلتحق الثروة السمكية اليمنية بموجة الغلاء الفاحش التي تضرب معظم السلع والمنتجات الغذائية والاستهلاكية.
وقال باخشن لـ”العربي الجديد”، إن الكثير من الأسر في عدن لم يعد بمقدورها توفير أهم المنتجات الغذائية، التي تعد الأسماك بالنسبة لهم ومعظم سكان المناطق والمحافظات الساحلية بمثابة وجبة رئيسية دائمة لا تخلو موائدهم منها.
ويشكو صيادون يمنيون من اعتداءات متواصلة يتعرضون لها في عرض البحر، خصوصاً في السواحل الغربية من البلاد، تشمل اختطاف واحتجار صيادين ومصادرة قواربهم.
وقال ناصر المصعبي، رئيس جمعية اصطياد تنشط في السواحل اليمنية على البحر الأحمر، إن الصيد في اليمن أصبح عملية معقدة ومخاطرة غير محسوبة العواقب بسبب الحرب والقصف والاستهداف المباشر الذي تعرضت له مناطق رئيسية بصيد الأسماك في سواحل البحر الأحمر اليمنية، أدت إلى تهجير عدد كبير من الصيادين واتجاه بعضهم إلى أعمال أخرى.
وأشار المصعبي إلى توسع ظاهرة الاعتداء على الصيادين اليمنيين في سواحل ومواقع الاصطياد من قبل قوات محسوبة على التحالف العسكري الإماراتي السعودي، وأيضاَ الاختطافات المتواصلة التي تتعرض لها قوارب الصيد والصيادون اليمنيون من قبل قوات خفر السواحل الإريترية.
وتسيطر الإمارات على العديد من الموانئ المطلة على البحر العربي في محافظة حضرموت (شرق اليمن)، مثل ميناء الضبة وبروم والشحر، من دون أي تنسيق مع السلطات المعنية في الحكومة اليمنية.
واعتبر الباحث الاقتصادي عبد الواحد العوبلي أن استراتيجية الإمارات تتركز منذ سنوات على السيطرة وإدارة عدد من أكبر وأهم الموانئ في بحر العرب والقرن الأفريقي، والتي يعتبر أهمها على الإطلاق ميناء عدن.
ولا تهدف الإمارات من خلال الاستيلاء على الموانئ اليمنية إلى العمل على استثمارها وتنميتها، وفق خبراء اقتصاد يمنيين، بل على العكس من ذلك، حرصت على تعطيلها.
وساهمت هذه الممارسات بشكل خاص في اضطراب أسواق الصيد والأسماك وانخفاض المعروض من معظم الأصناف وارتفاع أسعارها بصورة تفوق قدرات اليمنيين.
وبخلاف الخسائر المباشرة للصيادين، تقدّر مؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية الخسائر التي تعرضت لها موانئ البحر الأحمر، التي يُعَدّ ميناء الحديدة أهمها بنحو 1.2 مليار دولار، جراء الحصار وتحويل خطوط الملاحة والقصف والتضييق المتواصل.
ويشكو صيادون يمنيون من تهجير القوات الإماراتية والشرعية المحسوبة عليها، الصيادين في سواحل مدينة المخا وذوباب الساحلية القريبة من باب المندب، إذ تخضع هذه المناطق إلى ما يشبه الاختطاف من قبل هذه القوات.
وقال أحد الصيادين من منطقة ذوباب الساحلية غرب محافظة تعز، إن القوات الإماراتية المتواجدة في هذه المناطق قامت بمنعهم من الصيد واقتصار ممارسة العمل على فئات محدودة جداً من الصيادين محسوبين عليها تقوم بنهب معظم كميات الصيد من مختلف الأصناف، خصوصاً أسماك الديرك “الكنعد” المتوفر بكثرة في سواحل المخا وذوباب، الأمر الذي أدى إلى انخفاض المعروض منه بشكل كبير واحتكار تداوله وعدم وصوله إلا بكميات ضئيلة إلى أغلب الأسواق اليمنية.
وقبل يومين، حذّر محمد المنصور، المدير التنفيذي لمجلس الترويج السياحي في الشرعية، مما وصفها “الأعمال التخريبية والتدميرية” المستمرة من قبل قوات التحالف العسكري السعودي الإماراتي، في أرخبيل جزيرة سقطرى.
وقال المنصور ، إن هناك تخريباً للتنوع البيئي والحيوي في الأرخبيل، بسبب بناء المعسكرات والتجريف العشوائي للشعاب المرجانية، والتصدير غير المستدام للثروة السمكية، وإدخال الأنواع غير الأصيلة إلى الجزيرة، ونهب الأنواع الأخرى من موطنها الأصلي من نباتات وطيور نادرة.
ولم يتوقف الأمر عند ممارسات الإمارات في السواحل الغربية من اليمن وفي أرخبيل سقطرى، مع وصول الأمر إلى تصرفات مماثلة للقوات السعودية في السواحل الشرقية، وتحويل مناطق ومراكز الاصطياد السمكي في مناطق المهرة إلى ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة، الأمر الذي أضر كثيراً بالصيادين في المحافظة، إذ يعتبر الاصطياد السمكي من الأعمال الرئيسية التي يمتهنها سكان المهرة.
وتسببت ممارسات التحالف في تهاوي إنتاج اليمن من الأسماك بنسبة 70%، ليبلغ نحو 60 ألف طن سنوياً، مقابل حوالي 200 ألف طن قبل اندلاع الحرب، وفق بيانات رسمية.
وخسر اليمن، الذي يعاني من انهيار اقتصادي وأزمة إنسانية متفاقمة وفقر وبطالة، نحو 300 مليون دولار من عائدات تصدير الثروة السمكية سنوياً، حيث تراجعت إلى أقل من 40 مليون دولار سنوياً عبر منفذي شحن وشرورة في المهرة (شرق) المحاذية لسلطنة عمان، والوديعة في العبر شمال شرق حضرموت الحدودي مع السعودية.
وتأتي أزمات الوقود وارتفاع التكاليف اللازمة لتشغيل قوارب الصيادين، وتوقف استثمارات القطاع الخاص في هذا القطاع بعد إغلاق منافذ التصدير، لتزيد من التداعيات الناجمة بالأساس عن الحصار وقصف طيران التحالف لموانئ الصيد.
ويعد القطاع السمكي قطاعا اقتصاديا حيويا ومهما بالنسبة لليمن، إذ كان يعمل فيه نحو 100 ألف صياد في 30 ألف قارب صيد تقليدي، يمارسون عملهم على امتداد 2700 كيلومتر من السواحل والجزر اليمنية التي تحتوي على مخزون هائل من الموارد السمكية في المياه البحرية السيادية، إذ تتيح اصطياد نحو 400 نوع من الأسماك والأحياء البحرية.
وبحسب البيانات الرسمية، فإن الأنواع المستغلة حالياً من الموارد السمكية تصل إلى 60 نوعاً من الأسماك والأحياء البحرية والتي تعتبر من الأنواع والأصناف المرغوبة والمطلوبة للاستهلاك المحلي والمؤهلة للتصدير.
وزادت الكوارث الطبيعية مؤخراً من خسائر القطاع، حيث ضربت الأعاصير والفيضانات أكثر من مرة طوال السنوات الثلاث الماضية عددا من السواحل اليمنية في المناطق الجنوبية الشرقية في حضرموت وسقطرى والمهرة.
ويتطرق وائل بن شافع، عضو جمعية خاصة بالاصطياد على البحر العربي في ساحل حضرموت، إلى تأثير تقلبات المناخ والعواصف والفيضانات التي تضرب السواحل الشرقية من اليمن المطلة على بحر العرب، وألحقت أضرارا بالغة بعملية الاصطياد وتدمير قوارب الصيد وتكبيد الصيادين خسائر باهظة، إضافة إلى جرف وتهجير الأسماك من مناطق الاصطياد التقليدية.
ويتحدث بن شافع لـ”العربي الجديد”، عن صعوبات بالغة أصبح يواجهها الصيادون للوصول إلى مناطق الاصطياد، إلى جانب مشاكل أخرى متعلقة بارتفاع أسعار الوقود ومعظم المستلزمات الخاصة بالاصطياد.