نشرت صحيفة النيويورك تايمز الامريكية مقالا في عددها الصادر أمس (15 مارس 2020 ) يتحدث عن محاولة أمريكية لشراء شركة المانية او نقل ابحاثها وانتاجها الى الولايات المتحدة، وكانت CureVac تعمل على تطوير لقاح محتمل لفيروس كورونا، وأعلنت سابقا انها على بعد أشهر قليلة من انتاجه، ومن المتوقع ان يكون بداية التجارب للقاح في شهر يونيو او يوليو القادمين.
رئيس الشركة دانيال مينيتشيلا امريكي الجنسية التقى نائب الرئيس الأمريكي المكلف بمتابعة تطورات انتشار الفيروس والبحث في إمكانية الحصول على علاج، وبحسب الصحيفة فإن الرئيس ترامب حضر جانبا من الاجتماع، وبعد أيام قدم مينيتشيلا استقالته لأسباب غير معروفة حتى الان، سببت المحاولات الامريكية انزعاجا في الأوساط الحكومية الألمانية ودفعت بوزير الداخلية الى التصريح بأن اجتماعا حكوميا طارئا اليوم الاثنين سيعقد لمناقشة استراتيجية الدفاع عن الشركة الألمانية.
وزير الداخلية الألماني أضاف بأن فيروس كورونا لم يعد فقط ازمة صحية بل (مسألة أمن قومي) وأن على الحكومة ليس فقط حماية حدودها وتوفير المواد التموينية ولكن أيضا (منتجاتنا الطبية وادويتنا).
ليس مؤكدا إذا كان العرض بقيمة مليار دولار هو لشراء بحيث يكون كامل انتاجها مخصص للولايات المتحدة. او ان واشنطن تريد نقل الأبحاث والإنتاج الى أراضيها.
الصحيفة الامريكية تقول ان الرئيس ترامب يسعى بقوة للسيطرة على قطاع التقنية في العالم كجزء رئيسي من الاستراتيجية الامريكية، وفي شهر فبراير الماضي أعلن وزير العدل الأمريكي ان حكومته تعمل على الاستحواذ على شركتي نوكيا واريكسون المنافستان الرئيسيتان لشركة هاواي الصينية ورغم ان نائب الرئيس مايك بنس قلل من أهمية التصريح الا ان الفكرة اثارت قلقا شديدا في اوربا، وصرح عضو في البرلمان الألماني بأن حصر بيع اللقاح للولايات المتحدة يجب منعه بكل السبل وان (للرأسمالية حدودها).
وزير الاقتصاد الألماني صرح بأن بلاده ليست للبيع وان الحكومة ستساعد الشركة لتطوير اللقاح وحذر بأن أي خطوة “معادية” ستواجهها بلاده بحزم.
هذه القصة الموثقة تدفع الى الاذهان اعادة التفكير فكيف ان حروب المجتمعات الغربية صارت محصورة حول التطور العلمي والبحث فيما ينفع الانسان أيا كانت جنسيته وديانته وعرقه، ثم يعود المرء الى واقع مأساة الحروب العربية – العربية وكم يستنزف العرب من أموالهم واوقاتهم وشبابهم في الإصرار على تدمير بلدانهم وإشغال الناس بأتفه الأمور وأسخف القضايا، والدفع بالصراعات البينية الى حد الاقتتال والتدمير.
الحروب العربية كلها دون استثناء كان بالإمكان معالجتها بالمزيد من الصبر والمثابرة وحسن التدبير والتنازلات البينية الأقل ضررا وكلفة من الدماء والدمار، لكن العقل الذي يتحكم بقضايا الامة يأبى الا ان يسير بها في خطوات متكررة سار عليها السابقون، وكانت المدافع والطائرات هي الحل الأقرب والأكثر حضورا في الذهن الحاكم للمسار السياسي العربي.
ان النظر الى احوالنا يكفي لكي نعلم اننا امة خاملة كسولة لا تنتج شيئا مفيدا للبشرية ولا تقدم حلولا لمشاكل الناس ولا تطور لقاحا ولا دواء.. نحن امة تعيش على الهامش لا قيمة لها الا عند تجار الحروب ومصانع الأسلحة، مكتفية بالدعاء وانتظار ما يجود به عليها الغرب من فتات علمه وتطوره في مجال الابحاث.