تعز اليوم
نافذة على تعز

كيف دمر حزب الإصلاح أهم وأكبر مستشفى حكومي في تعز لصالح مستشفياته الخاصة – تقرير موسع

مبنى ضخم مكون من ستة طوابق، تنتصب عليه لوحة كبيرة تحمل اسمه: “هيئة مستشفى الثورة العام”. قبل أن يبسط حزب الإصلاح سيطرته على المدينة، كان هذا المستشفى هو الأول في تعز، ليس من حيث “المبنى” وإمكانية استقبال حالات طبية، بل من حيث نوعية الخدمة الطبية والكادر المتواجد، إضافة إلى الأجهزة الطبية المختلفة.

متابعات (نقلا عن صحيفة الشارع) – تعز اليوم :

 

عسكر أكثر من الأطباء

الزائر اليوم إلى مستشفى الثورة، سيصاب بـ “الصدمة” من أول وهلة. في البوابة الرئيسية حضور عسكري مكثف لأفراد يتجاوز عددهم العشرين. وخلف البوابة الرئيسية، أطقم عسكرية تابعة لـ “الشرطة العسكرية”، ومليشيات “الإصلاح”. الجماعة التي عسكرت “المشفى”، وحولته إلى ثكنة عسكرية، وأوكلت إليهم مهمة الاعتداء على الكادر الطبي، وعلى رئيس المستشفى، وعلى كل من لا يلتزم بتوجيهاتها.

مغلق من “المقر”!

القصص التي حدثت وتحدث في هذا المستشفى كثيرة، بينها تصفيات بالسلاح تمت داخل أقسام المستشفى، لمدنين وعسكريين غير موالين لحزب الإصلاح وتوجيهاته، وتوجهات جماعة الإخوان المسلمين، بشكل عام.

تجاوزنا البوابة الرئيسية للمستشفى، ودخلناه. يبدو المشفى خالياً على عروشه؛ أقسام مغلقة تماماً، طواريد فارغة، ومرضى قليلون، زائرون لا أكثر. الصيدليات خالية من العلاجات ومغلقة. لا يوجد كادر طبي، ولا رئيس للمستشفى. لا توجد إدارة للمستشفى. القائم بأعمال إدارة المشفى تواصل مليشيا حزب الإصلاح منعه من دخول المستشفى لممارسة مهامه. كل ما هنا هو مبنى فارغ من الخدمة والحركة، والقصة وما وراءها تعطيل ممنهج ومتعمد، من قبل جماعة “الإصلاح”.

من الواضح أن حزب الإصلاح تعمد إغلاق هذا المستشفى، بهدف جعل المستشفيات الخاصة تعمل. إنها تجارة رابحة مدعومة بقوة المليشيا، والادعاء بتمثيل الدولة! ويبدو ذلك ممكناً بالنظر إلى أن حزب الإصلاح يمتلك كثير من المستشفيات الخاصة في المدينة.

استوقفنا أحد الممرضين، داخل المستشفى، وسألناه: ما الذي يحدث للمستشفى؟ أجاب متهكماً ومتعجباً: أي مستشفى تقصد؟!. ثم استطرد: “لا يوجد مستشفى هنا إطلاقاً، وكما واضح أمامك؛ مبنى فارغ من كل شيء”. “لماذا؟”، سألناه. أجاب: “هكذا أرادت سلطة الأمر الواقع للمستشفى أن يكون؛ من أجل تفعيل وتشغيل المستشفيات الخاصة بها”.

“أين هو مدير المستشفى؟”. قال: “ممنوع من الدخول”! “من قِبَل من؟!”. أجاب: “جماعة المقر”؛ يقصد حزب الإصلاح. قالها، وهو يتلفت يميناً ويساراً، ثم غادر مسرعاً، دون أن حدوث أي تعارف بيننا.

هكذا، يتاجر حزب الإصلاح بآلام الناس. لقد تم تدمير وإغلاق المستشفى الحكومي الأهم في تعز، كي تشتغل المستشفيات الخاصة التابعة للحزب! يا لها من تجارة قذرة، ويا له من حزب قذر.

قسم العظام دون طبيب واحد!

واصلنا السير في الطابق الأول، ومن ثم الطابق الثاني، ومن ثم الطابق الثالث. التقطنا ما يمكن التقاطه من الصور.

في الطابق الثاني، استوقفنا ملصقٌ على بوابة قسم العظام، مكتوب عليه: “لا يوجد لدينا طبيب عظام”. اكتفينا بالتقاط صورة للملصق، مواصلين جولتنا في طارود الطابق. بالقرب من قسم العظام، التقطنا صورة لمريض يبدو عنده مشكلة في عظام أحد قدميه، كما هو واضح في الصورة، حيث يظهر المريض حاملاً للجرح، ورفيقين له يحملانه من كتفيه، والصورتان تلخصان واقع المستشفى ربما بشكل أدق وأوضح.

الطبيب المناوب يوجه المرضى بالذهاب إلى مستشفى الروضة!

وفي جولتنا، تحدثنا إلى المرضى الذين وجدناهم، وأكدوا لنا أن المستشفى لا يقدم أي خدمة، وأنهم عند وصولهم إلى المستشفى أصيبوا بالصدمة فعلاً، خصوصاً عندما وجدوا أن الأغلبية العظمى من الفحوصات الطبية لا يمكن إجراؤها في المستشفى، وأن طبيب قسم الطوارئ، القسم الوحيد الذي يعمل، يقوم بتوجيه المرضى بالذهاب إلى مستشفى الروضة، وبعض المستشفيات الخاصة الأخرى، بغرض إجراء الفحوصات، وأحياناً كثيرة إجراء الفحوصات والعلاج معاً.

ومستشفى الروضة، يتبع حزب الإصلاح، وتوجيه الطبيب المناوب للمرضى بالذهاب إلى هذا المستشفى تحديداً، تأكيد واضح بأن التدمير والتعطيل الذي تم لمستشفى الثورة العام عمل ممنهج ومقصود.

رصدت “الشارع” “بوستاً” كتبه صلاح أحمد غالب، أحد المرضى على “فيسبوك”: “المدينة سكانها أكثر من 4 مليون نسمة، ومستشفيات حكومية عبارة عن هياكل وهمية، لا تقدم خدمة طبية”! أضاف: “لي ثلاثة أيام أبحث عن أخصائي أمراض كبد ولم أجد، أبحث عن إبرة البومين وما حصلت”. استطرد: “عادك تأتي إلى مستشفى الثورة يقولوا لك روح مستشفى الروضة، وكأن مهمتهم هو التسويق للمستشفيات الأهلية، التي هي الأخرى، ما فيها خدمة طبية، ولو هي بفلوس”.

7 أقسام طبية خارج الخدمة بشكل كامل

في جولتنا، تتبعنا الأقسام التي تعمل، والتي لا تعمل، داخل مستشفى الثورة. أحد الأطباء، قال، مشترطاً عدم ذكر اسمه: “سبعة أقسام في المستشفى مغلقة وخارجة عن الخدمة بشكل كامل، منذ مايو الماضي، والأقسام الستة هي: قسم جراحة الأطفال، قسم جراحة الوجه والفكين، قسم جراحة المسالك البولية، قسم جراحة العيون، قسم جراحة الأوعية الدموية، قسم جراحة العظام، وأقسام الباطنية، بينها النساء والولادة”.

قسمان فقط يعملان بشكل محدود في المستشفى بدعم من “أطباء بلا حدود”

هناك قسمان فقط يعملان في المستشفى: قسم الطوارئ، وقسم الباطنية؛ كما أخبرنا الطبيب، الذي اشترط عدم ذكر اسمه.

يعمل قسمي الطوارئ والباطنية بدعم من أطباء بلا حدود. مع ذلك، هناك طبيب في قسم الطوارئ يستقبل المرضى، ويوجههم بالذهاب إلى مستشفى الروضة! لقد أصبح هذا هو عمل المستشفى الحكومي الأول في تعز، الذي كان يستقبل، في اليوم، آلاف المرضى. يا لها من كارثة.. يا له من عبث.

وعن أسباب إغلاق أغلب أقسام المستشفى، قال الطبيب: “المستشفى بدون موازنة ولم يحصل إلا على ربع الموازنة، المقدرة بـ 130 مليون ريال، وهذه لا تكفي، إضافة إلى أن المستشفى فقد الدعم الذي كان يحصل عليه من المنظمات الدولية، والذي يذهب لصالح مستشفيات أخرى في المدينة، بينها مستشفيات خاصة”.

وأوضح الطبيب أن هناك أسباب كثيرة أدت إلى إغلاق أغلب أقسام المستشفى، بينها “مغادرة الكادر الطبي، والاستشاريين، والجراحين؛ إما لعدم توفر مستحقات وإما لأسباب أمنية”.

وأكد الطبيب: “الاقتحامات المتكررة التي تعرض لها المستشفى، من قبل مسلحين، من خلالها تم تصفية أشخاص، وحالات عدة على خلفية قضايا ثأر، أدى ذلك إلى هروب الكادر الطبي، الذي ذهب للعمل في مستشفيات خاصة تحظى بدعم من المنظمات الدولية، وحماية من السلطة المحلية، بينما مستشفى الثورة تُرتكب في داخله الاعتداءات والاقتحامات والتصفيات أمام مسمع ومرأى السلطة والجيش، دون أن تحرك هذه الجهات ساكناً، بل ربما إن هذه الجهات هي من تقف وراء ذلك”.

وقال هذا الطبيب، الذي رفض ذكر اسمه: “يحتاج المستشفى إلى عناية مركزة، وفي جانب التشخيص يحتاج إلى جهاز طبقي محوري، وجهازين مغناطيسي، وجهاز أشعة.. غياب هذه الأجهزة جعل المستشفى يعتذر عن استقبال الحالات الطارئة، وتحويلها إلى مستشفيات أخرى. لا يوجد في مستشفى الثورة جهاز CARM الخاص بعمليات العظام، أجهزة التخدير فيه معطلة، وأجهزة العناية، وجهاز تخطيط القلب، وأجهزة المختبر، معطلة أيضاً وخارجة عن الخدمة”. لقد أصبح المستشفى بمثابة خرابة.

وحدة الغسيل الكلوي … ما تبقى من المستشفى

العيش بكلية واحدة، تهديد محتمل للحياة. أما الفشل الكلوي، فهو بمثابة اقتراب سريع من الموت. الفشل الكلوي يُفقد المصابين به الراحة، ويجعلهم تحت رحمة ألم مستمر، لاسيما خلال عمليات غسيل الكلى، التي يخضعون لها أسبوعياً، أو كل يومين في الأسبوع. لكن الأشد ألماً من ذلك هو عدم الحصول على الغسيل، أو قطع مسافات طويلة للحصول عليه، كما هو الحاصل لمرضى الفشل الكلوي في مدينة تعز.

الحرب ألقت بصعوبات كبيرة على حياة الناس في تعز. تضاعفت صعوبات الحياة بفعل الحصار المفروض على المدينة منذ سنوات. ذلك أدى، بين ما أدى، إلى غياب دور المعنيين في مكتب الصحة، وازدياد معاناة مرضى الفشل الكلوي في تعز، خصوصاً أبناء الريف غير القادرين على الوصول إلى مركز الغسيل إلا بقطع ساعات طويلة من السفر عبر طرقات وعرة.

“الشارع”، في جولتها داخل مستشفى الثورة العام في تعز، زارت وحدة الغسيل الكلوي لمعرفة ما يحدث للمرضى، وكيف يجري العمل فيها. مازال هذا الجزء من المستشفى يضج بالازدحام، لأنه لا يوجد في تعز إلا هذا المركز ومركز آخر لغسيل الفشل الكلوي. حزب الإصلاح، لم يُغلق هذه الوحدة لأن المستشفيات الخاصة التابعة له، ولقيادات فيه، ليس فيها وحدات لغسيل الفشل الكلوي.

خارج وحدة الغسيل، يجلس مواطنون كثر، منهم من ينتظر انتهاء جلسة غسيل لأحد أقربائه، ومنهم مرضى أنهوا جلسات غسيل وينتظرون مرافقيهم ليعودوا بهم إلى منازلهم التي قد تكون في قرى ريفية بعيدة. جلسة الغسيل تستغرق 4 ساعات، أو أكثر، وربما أقل من ذلك، لذوي الفشل الحديث.

بنبرة حزن وعيون ممتلئة بالدموع، أعربت رملة محمد عن مدى تخوفها من فقدان طفلتها “شَهْد” ذي الخمس السنوات، التي استقبلتها الحياة بهذا المرض اللعين، وصارت تذهب مرتين في الأسبوع لعمل جلستي غسيل للكلى.

وتابعت والدة “شَهْد”، في حديثها مع “الشارع”: “أتابع علاج ابنتي أسبوعياً، وأتكبد أتعاب وخسائر، وانتظار دائم، وعراقيل مستمرة في المستشفى، لكن السفر من بني حَمَّاد إلى هنا هو الهم الأكبر بالنسبة لي”.

وتضيف، بنبرة أكثر حزناً: “بسبب التعب في السفر، والخسارة، اضطررت إلى استئجار دكان لي ولبنتي في حوض الأشراف، وتركت منزلي في القرية.. زوجي مات، وما معي إلا الله، ومساعدات بعض الأقرباء والأهل”.

على الجانب الآخر، من حديقة المستشفى، تجلس مريم (45 عاماً)، في انتظار زوجها، حتى يتم الانتهاء من إجراء جلسة الغسيل له، والتي تستمر نحو 4 ساعات. منذ خمس سنوات ومريم تأتي مع زوجها إلى هنا، وتظل تنتظره في الحديقة حتى يتم الانتهاء من إجراء جلسة الغسيل له. لم تشتكِ يوماً من التعب، ولم يستسلم هو للموت. إنها قصة وفاء، وتشبث قوي بالحياة.

تروي مريم، بحزن، بداية رحلتها وزوجها (45 عاماً)، قبل خمس سنوات، مع هذا المرض، والالتزام الأسبوعي بإجراء جلسات الغسيل للكلى؛ تقول: “صحيح أننا نعاني، لكن المعرقل لنا هو حدوث خلل في الأجهزة، أو لما يقولوا لنا: خلصت المشتقات النفطية والديزل، وانطفاء الكهرباء بشكل مستمر”.

وبسبب انطفاء الكهرباء، تتأخر جلسات الغسيل لزوج مريم، والمرضى الآخرين وهم كُثُر، الأمر الذي يهدد حياتهم بالموت، لأن السموم تبقى في الجسم فيتورم المريض، ويتعرض إلى صعوبة في التنفس، وغيرها من المضاعفات الكثيرة، التي تؤدي إلى الوفاة، بحسب حديث المرضى والأطباء في مركز الغسيل الكلوي.

ونتيجة لحدوث الإشكاليات في قسم الغسيل الكلوي في مستشفى الثورة في تعز، يضطر أغلب المرضى الذهاب إلى المستشفى الجمهوري، إذ لا يوجد في المدينة إلا مركزي غسيل كلوي في هذين المستشفيين الحكوميين. وهناك يبدأ المريض رحلة جديدة مع المعاناة.

يقول أحد المرضى لـ “الشارع”: “في مركز الغسيل في المستشفى الجمهوري، يتم أخذ مبالغ مالية مِنَّا، رغم أن قسم الغسيل هذا مدعوم من الهلال الأحمر القطري، وإضافة إلى ذلك يتم تأخيرنا إلى الفترة المسائية، بمبرر الأولوية لمرضاهم، ومع ذلك يحصل كل واحد مِنَّا على جلسة غسيل تستمر ساعتين فقط، أي نصف المدة المقررة لكل مريض بالفشل الكلوي، وهذا يعني بقاء نصف السموم في أجسادنا”.

المصاب بالفشل الكلوي هو رفيق دائم للألم والمعاناة. يضطر أغلب المصابين بهذا المرض إلى بيع كثير من ممتلكاتهم، كي ينتظمون في جلسات الغسيل. وبالضرورة، يصبح أغلبهم أكثر فقراً، وعاطلين عن العمل. قال لـ “الشارع” سعيد أحمد، أحد المرضى: “الفشل الكلوي لا يسبب آلام ومشاكل جسدية فقط، بل نفسية، وأكثر منها مادية”.

يضيف سعيد: “أقطع طريق الأقروض مرتين في الأسبوع، قادماً من شرعب، 9 ساعات سفر، عشان جلسة الغسيل هذه. يعني في الأسبوع أسافر 18 ساعة عشان الجلستين”. يصدر نُهدَة عميقة، ثم يضيف: “خسرت كل ما معي، وتعطلت عن عملي بسبب هذا المرض”.

يستطرد: “مريض الفشل الكلوي، مثل السمك إذا خرج من الماء توفى، ولذا أنا مجبر على الدوام إجراء الغسيل مرتين في الأسبوع، وإذا ما عملت الغسيل با أموت”.

يستقبل مركز الغسيل الكلوي التابع لمستشفى الثورة العام 70 إلى 80 حالة يومياً بحسب حديث أطباء فيه. وفي أوقات كثيرة يعتذر عن استقبال حالات جديدة.

يقول فهمي الحناني، رئيس قسم الكلى في مستشفى الثورة لـ “الشارع”: “القسم لديه أكثر من 300 مريض فشل كلوي مسجل، ويستقبل يومياً من 80 إلى 88 مريضاً، حيث الوضع يعتبر شبه مستقر في المركز، لتوفر العلاجات الخاصة والمستلزمات، لكن هناك بعض الصعوبات في توفير مادة الديزل، أما معظم المواد العلاجية واحتياجات المركز نحصل عليها من داعمين”.

أضاف: “مشكلة المرضى تكمن في عدم وصولهم في المواعيد المحددة، وذلك بسبب المسافات الطويلة التي يقطعونها للوصول إلى المركز، إضافة إلى حدوث بعض العراقيل مثل قطع الطرقات أحياناً، فمعظم مرضى الفشل هم من خارج مدينة تعز. وبسبب هذه الصعوبات، حاولنا، مؤخراً، توفير سكن خيري للمرضى، لكن عدد الحالات كثيرة، والسكن لا يكفي، إذ يستوعب 30حالة فقط”.

يقول “الحناني”: “مركز الكلى هو تابع لهيئة مستشفى الثورة وليس بمستقل.. لكن مع انقطاع الدعم عن المركز، واختفاء الموازنة التشغيلية، لم نستطع الالتزام بتوفير العلاجات والأشياء الخدمية للمرضى.. هذا جعلنا نناشد كافة المنظمات الدولية وفاعلي الخير لتقديم الدعم كي نستمر في تقديم خدمتنا للمرضى دون توقف.. بحثنا يقتصر عن داعم يوفر المياه والديزل، والحاجات الضرورية للمريض، أما مواد الغسيل الكلوي فنحصل عليها من مركز الملك سلمان. في المقابل، ظل الكادر، والقائم بأعمال مركز الغسيل الكلوي، يعمل لأكثر من أربع سنوات دون أي مقابل”.

وعن دور السلطة المحلية، أكد “الحناني”: “السلطة غائبة، ولا تكترث للوضع الكارثي في تعز، بل تظل مشغولة بنفسها وبالعائد المادي الذي ستحصل أو تحصل عليه، لذلك هي لم تقدم أي شيء لمرضى الفشل الكلوي.. لكن نحن من نبذل جهودنا في البحث والمتابعة والحصول على دعم من داعمين، فالمريض بالفشل الكلوي لا يحتمل البقاء دون غسيل، لذا نوجه نداءنا للحكومة الشرعية بإعادة النظر في دعم هذا المركز للتخفيف من معاناة مرضى الفشل الكلوي”.

“الشارع”، حصلت على معلومات تفيد أن مركز الغسيل الكلوي هذا لديه ميزانية مخصصة ضمن الميزانية التشغيلية التي تُقَدِّمها الحكومة لمستشفى الثورة العام، لكن الموازنة يتم نهبها من قبل نافذين، والمليشيات المسلحة التي تسيطر على المستشفى.. والجميع يتبع حزب الإصلاح.

بلطجة مليشيا حزب الإصلاح المتكررة في المستشفى

اعتداءات على المدير السابق، والقائمة بإدارة المستشفى، وتهجم مستمر على الطواقم الطبية والعاملين

مازال حزب الإصلاح يفرض وصايته العسكرية والمليشاوية المسلحة على مستشفى الثورة العام في تعز؛ إذ تواصل قوة من الشرطة العسكرية الموالية للحزب، إضافة إلى مسلحين من أتباعه، التمركز في المستشفى، فيما يقوم مشرف “إصلاحي”، منذ أشهر، بإدارة المستشفى عن بعد، بعد أن تم الاعتداء على آخر مدير للمستشفى، وطرده.

إنه تدمير ممنهج لأهم وأكبر مستشفى حكومي في مدينة تعز. وتم ذلك عبر إرسال قوة من الشرطة العسكرية، ومسلحين يتبعون حزب الإصلاح، إلى المستشفى، أُوكلت لهم مهمة تطفيش الكادر الطبي، من خلال الاعتداءات المتكررة على أفراد فيه.

ورغم تنفيذ الكادر الطبي وقفات احتجاجية رافضة ومنددة بتلك الاعتداءات، إلا أن الاعتداءات لم تتوقف، ولم يتم تغيير تلك القوات العسكرية التي قامت بتلك الاعتداءات! صمت السلطة المحلية هو بمثابة تأييد غير معلن لتلك الاعتداءات، ودليل على أن ما يجري في المستشفى هو عمل ممنهج، يتم بإشراف من قيادات الجيش، بحسب تعبيرات المحتجين.

الاعتداءات لم تطل الكادر الطبي من ممرضين وأطباء وعاملين فقط، بل وصلت إلى مدراء المستشفى؛ بدءاً من المدير الأول الدكتور أحمد أنعم، وصولاً إلى الاعتداء على الدكتورة إيلان عبدالحق، مؤخراً، دون أن يمر أكثر من شهرين على تعينها قائماً بأعمال مدير عام المستشفى.

في 4 مايو الماضي، قام مسلحو مليشيا حزب الإصلاح، يقودهم مندوب الجرحى باللواء 22 ميكا، عبدالسلام الشريحي، بمنع الدكتور أحمد أنعم من دخول المستشفى، وقيامه بعمله، بحجة قيامه، ونوابه، “بالاعتداء على الجرحى”. كانت تلك تهمة كاذبة، تثير الضحك. لقد تم استخدام الجرحى لممارسة البلطجة في أهم مرفق صحي في مدينة تعز.

لم يكتفِ البلاطجة بما قاموا به، بل أصدروا بياناً باسم “رابطة جرحى تعز”، طالبوا فيه محافظ المحافظة، نبيل شمسان، “باتخاذ قرار تعيين شخصية وطنية ذات كفاءة، ممن يتحملون المسؤولية ويؤدون حقها بأمانة وإخلاص، ويتحلون بقيم أخلاقية وإنسانية”.

وأعلن البلاطجة أن “مستشفى الثورة مفتوح أمام كل المرضى، ويستقبل الجرحى على مدار ٢٤ ساعة”.

وأرجع البلاطجة “أسباب توقيف مدير مستشفى الثورة عن العمل إلى رفضه المستمر استقبال الجرحى وتقديم الرعاية الصحية لهم إلا بمقابل مبالغ مالية، مخالفاً بذلك كل التوجيهات الصادرة له من محافظ المحافظة، وقيادة المحور، ورغم الدعم الحكومي الشهري الذي تقدمه الحكومة كدعم لمركز العظام الجراحي التخصصي مقابل تقديم الرعاية الصحية الكاملة للجرحى مجاناً”. وسيثبت، فيما بعد، أن هذا تبرير كاذب، أيضاً.

وقال البلاطجة، باسم “رابطة الجرحى في تعز”: “نظراً لكل ذلك وجدنا أنفسنا مضطرين للقيام بمسؤولياتنا تجاه الدفاع عن كرامة الجرحى وحقهم بتلقي الرعاية الصحية الكاملة”.

محافظ تعز، أصدر قراراً قضى بتكليف الدكتورة إيلان عبدالحق، وكيلة محافظة تعز للشؤون الصحية، بإدارة هيئة مستشفى الثورة العام.

وفي 17 سبتمبر الفائت، اعتدى المسلحون التابعين لـ “الإصلاح” على الدكتورة إيلان، وطردوها من المستشفى، ومنعوا عودتها إليه لممارسة مهامها.

وقالت المعلومات إن “عصابة من مليشيات الحشد الإخوانية يقودها مندوب الجرحى باللواء 22 ميكا، عبدالسلام الشريحي، اعتدت على إيلان عبدالحق، وقامت بملاحقتها مع الممرضات في أروقة المستشفى”.

وذكرت المعلومات إن “الدكتورة إيلان فرت، والممرضات، إلى قسم العظام، وقمن بإغلاق القسم من الداخل، في محاولة منهن للاختباء بعد ملاحقتهن في مستشفى الثورة من قبل العصابة”.

وأفادت المعلومات إن “الاعتداء وقع داخل مستشفى الثورة إثر مشادة كلامية بين الوكيلة إيلان مع مندوب اللواء 22 ميكا، قبل استعانة الأخير بعصابة من المليشيات الإخوانية”. و”الشريحي، يعتبر المشرف الإخواني على المستشفى”.

وشنت مليشيا جماعة الإخوان المسلمين، عبر وسائل الإعلام التابعة لها، “حملة تحريض وترهيب ضد الدكتورة إيلان عبدالحق؛ بسبب رفضها إعادة أحد الأطباء المحالين للتحقيق إلى عمله في مستشفى الثورة العام جراء تسببه بوفاة الناشطة عائدة العبسي”.

أصدرت هيئة مستشفى الثورة العام، في 17 سبتمبر الماضي، بياناً شديد اللهجة، تعليقاً على الهجمات الإخوانية المتكررة التي تتعرض لها.

وهددت الهيئة بإغلاق مستشفى الثورة العام، نتيجة ما “حدث لطاقمها الطبي من ممارسات عدوانية واضطهاد، من قبل أفراد الجيش التابعين لمليشيا الإصلاح داخل المستشفى”.

وناشدت الهيئة، في بيانها، المسؤولين في حكومة الشرعية إلى سرعة “التدخل لإنقاذ المستشفى من الإغلاق، وحماية أفراد الطواقم الطبية والإدارية، من التهجم والاعتداءات مباشرة التي تعرضوا لها”، إضافة إلى “التدخل المباشر في أعمالهم، وطردهم وتهديدهم بكل الأشكال والصور من قبل مليشيا الإصلاح التي تخضع المستشفى لسيطرتها”.

وأكدت الهيئة أن “هذه الجماعات هي التي قامت مسبقاً بالتعدي المباشر، وطرد رئيس هيئة مستشفى الثورة العام السابق الدكتور أحمد أنعم”. وأفادت أن الجماعة المسلحة نفسها اعتدت على الدكتورة إيلان، وتهجمت عليها، وطردتها بالقوة من مكتبها.

وطالبت الهيئة في بيانها بإخراج جميع الوحدات العسكرية، والأمنية ذات التكتلات المختلفة من داخل المستشفى، وتحديد جهة أمنية واحدة مسؤولة عن أمن المستشفى، إضافة إلى حماية كوادره الطبية والفنية الإدارية العاملة. كما دعت إلى توفير سكن مناسب للجرحى المعاقين وإخراجهم من سكن الأطباء التابع لهيئة مستشفى الثورة العام، وفي المقدمة سكن الطبيبات والممرضات خاصة في فترة المساء والليل.

وقال البيان: “بعد تعيين الدكتورة إيلان للقيام بأعمال رئيس الهيئة العامة للمستشفى، تم معالجة الكثير من المشاكل المتعلقة بالأقسام المغلقة، وبدأت تعود روح العمل إليها، لكن بعد فترة وجيزة، تم الاعتداء عليها وطردها، من مكتبها بقوة السلاح، وتوجيه لها اتهامات غير مبررة، وطرد الكادر الطبي، وإغلاق بعض الوحدات الإدارية”.

وأضاف البيان: “الوضع الذي تمارسه المجموعات المسلحة في المستشفى، يأتي تبعاً لأوامر قيادات عليا في الجيش”. وعبر موظفي المستشفى عن “استيائهم من عسكرة هذه المؤسسة الصحية، وإدارتها من قبل عسكريين، وما يجري من مصادرة لحقوق المرضى، والأطباء، والعمل على تدمير أكبر هيئة صحية في تعز”.

وحتى اليوم، مازالت الدكتورة إيلان ممنوعة من دخول المستشفى، فيما يتولى “المشرف الإصلاحي” إدارة المستشفى. ولم يتم اتخاذ أي خطوة لإخراج تلك القوة والمسلحين من المستشفى، ومحاسبتهم على ما قاموا به من أعمال بلطجة وقحة في حق الكادر الطبي وإدارة المستشفى.

ومنذ تم الاعتداء على الدكتورة إيلان، وطردها، مازال مستشفى الثورة في تعز دون مدير، حتى اليوم.. يدار من بعد من قبل حزب الإصلاح. وتقول المعلومات إن “الإصلاح” عَيَّنَ شخصاً للعمل كمشرف على المستشفى، وإدارة شؤونه عن بعد.

لم يتغير شيء بالنسبة للرسوم المفروضة على المرضى، مع ذلك لم تتحرك مليشيا “الإصلاح” لمحاربة الفساد، كما زعمت من قبل.

قد يعجبك ايضا