مازلت لا ادرك ما الذي يجعل رئيس اي دولة يتخذ مواقف سلبية وتجاهل لأي مدينة تقع داخل الإقليم الجغرافي الكبير الذي يحكمه، وهو تصرف لا يليق به وبمسؤوليته الأخلاقية والوطنية التي اقسم على ان تكون حاكمةً لممارساته وتعاملاته مع كل الوطن دون استثناء،.. كما انه أسلوب يمارسه فقط زعماء المافيا الذين يرون انهم معنيون فقط بالقطاع الجغرافي الذي ينتمون اليه.
الروايات المؤكدة تقول ان الرئيس لم يتردد في الاعلان امام كثيرين انها “تستحق” ما يحدث لها لانها كانت “شرطي مرور” ينظم تحرك الحوثيين نحو الجنوب عبرها!
أيضا اخبرني سياسي يمني كبير كان قياديا في الحزب الاشتراكي انه التقى الرئيس في الرياض عام 2017 وسأله عن الاوضاع في تعز وذكره بدورها الوطني التاريخي وكيف انها ساهمت في احتضان كل اليمنيين شمالًا وجنوبًا ليس من باب المنة ولكن لانه القدر الذي ارتضته وقبلت به دون انتظار لرد جميل ولا للاعتراف بحقها في الاستقرار والنمو، ورغبتها ان يكون اليمن حرا سيدًا على أرضه وكرامته… كانت اجابة الرئيس حسبما ذكر لي صديقي السياسي الجنوبي الكبير اطال الله في عمره (خليهم يعتجنوا مثل عدن وأبين)!
واضح ان الرئيس هادي مازال مسكونا بانطباعات صالح عن الأشخاص وعن الأماكن ويحاول ان يتقمص أسلوب الرئيس الراحل في اختياراته وتصرفاته وممارساته، فقد ظل صالح طيلة فترة حكمه يرى ان تعز تشكل هاجسا كبيرا له، رغم ما أبدته له من تأييد عارم عبر ممثليها الذين كان يختارهم بعناية فائقة ومعايير منضبطة ليظلوا تحت سيطرته، وبادله هؤلاء الثقة فعبروا عن قدرتهم على دفع الناس للخروج دعما له في انطلاقته نحو الرئاسة في 1978… وأدوا نفس الاداء مع الرئيس هادي بتأييده في الاستفتاء حول رئاسته في 20 فبراير 2012 .
كنت اتمنى ان يخرج الرئيس ليعلن ان تعز عنده مثل عدن وابين وحضرموت والمهرة ولحج والضالع وكل مدن اليمن في الشمال والجنوب، لكنه لم يفعل! ومحزن ان يكون الرئيس مناطقيا ومهتما بمدينة دون اخرى بل ومتمنيًا لأي منها الدمار والدماء! لان في ذلك تخلٍ عن كامل المسؤوليتين الأخلاقية والوطنية.
الاكثر حزنا ان ليس من ابناء تعز سياسيين وحزبيين ممن يعملون معه، من اعترض او احتج او ابتعد عن المشهد احتراما لذاته، بل يحاول البعض منهم دائما إظهار الولاء والثناء بلغة مبالغ فيها لا تليق بهم ولا بتعامله معهم.
كارثة تعز كامنة في داخلها لان من يمثلونها قبلوا الرضوخ والانصياع في العهد السابق وفي العهد الذي تلاه.