تعز.. قرع الحرب بطبول الاحتجاجات – تقرير
تدخل الاحتجاجات في تعز منعطف جديد مع تصدر القوى السياسية لها، لكن وبقدر ما هذه الظاهرة صحية سياسيا، الا ان خطورتها تبدو اكبر لاسيما في ظل التمترس العسكري.
تقرير -تعز اليوم
الشعارات التي بدأت مطلبية وبإحراق الاطارات في شارع جمال باتت السنتها تمتد إلى اوكار القوى السياسية ذات الاجنحة العسكرية وهو ما ينذر بانفجار محتمل للوضع .
كان ثمة جرحى حرب مرميون في الشوارع يحلمون بالعلاج، عمال نظافة يتطلعون للرواتب بعد اشهر من الانقطاع ، طلاب يطمحون بإخلاء مدارسهم من الفصائل المسلحة، لكن مقابل هذه المطالب البسيطة التي كان يمكن حلها تحاول القوى السياسية الالتفاف عليها والسبب يكمن في أن كل القوى التقليدية في هذه المدينة متورطة في الامر وتسعى لتحسين شروطها مستقبلا.
على مدى الاسابيع الماضية من عمر المظاهرات الشعبية، شهدت تعز تحول دراماتيكي للأحداث وصولا إلى رفع سقف المطالب مع زج القوى السياسية باتباعها إلى ساحات الاحتجاجات.
لم تعد الشعارات مطلبية بقدر ما اصبحت سياسية بامتياز وصلت حد المطالبة بإقالة الفاسدين وانهاء المحاصصة السياسية في اوساط القوى التي ظلت تحكم المدينة ولو بنسب متفاوتة.
صحيح ظل الاصلاح ومازال الحاكم الفعلي للمدينة سواء بهيمنته على المؤسسة العسكرية عبر قائد ميلشياته عبده فرحان سالم الذي يتجاهل كافة القيادات بتصدر المشهد مع ان منصبه الرسمي لا يتجاوز مستشار لدى قائد المحور ، أو حتى على السلطة المحلية تلك التي اجهض محاولات عودة مسئوليها على راسهم المحافظين ال،4 الذين تم تغيرهم على مدى السنوات الماضية وبقى القيادي في الاصلاح عبد القوي المخلافي يدير شئون المحافظة، لكن القوى الأخرى كان لها اسهام ايضا في عملية النهب المنظم هذه. على الاقل بصمتها خلال الفترة الماضية.
يؤكد ذلك وثائق تداولها ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي تظهر كيف تم توزيع 12 مليار ريال تم تخصيصها خلال الاشهر الماضية من هذا العام لمحور تعز.
كان قائد المحور الحالي الاقل حظوظا بالنسبة للأباطرة الاخرين من احزاب كالمؤتمر والاصلاح.
خلافا للإصلاح والمؤتمر القوتين الضاربتين في المدينة، تحضر هنا قوات اخرى كالجماعات السلفية والناصري إلى جانب البعث والاشتراكي وهذه الاحزاب كانت حتى وقت قريب ضمن التحالف السياسي الذي تقاسم حصص الحكم في المدينة، لكنها قررت مؤخرا انهاء هذه المحاصصة من طرف واحد، وتعليق عضويتها في هذه التحالف الذي بقى مقتصرا على الاصلاح والمؤتمر.
انخرط الناصريين في مناوئة الاصلاح باكرا والسبب يعود إلى الدعم الاماراتي لهذه القوى التي رغم جحمها الضئيل مقارنة بأحزاب اخرى الا انها استطاعت تشكيل قوة عسكرية ترابط حاليا في الريف الجنوبي الغربي للمدينة تعرف باللواء 35 مدرع، وتهدد خلافة الاصلاح على المدينة، ومثلها الاشتراكي والبعث مع أن الاشتراكي وحده من دعا انصاره للتظاهر ولا يملك قوات على الارض.
اليوم ومع دخول القوى السياسية على خط المظاهرات ، خفتت المطالب المدنية وحتى بالخدمات ، لتطفح معها الاهداف السياسية للقوى او بالأحرى المسيطر الفعلي على هذه الفوضى.
نجح المؤتمر حتى الان بكسر هيمنة الاصلاح في المدينة ، واستعاد الحزب الذي ظل “عكفي” الاصلاح في المدينة زحم قوته مع اشهار اتباعه نهاية الاسبوع الماضي، لما يسمى بـ”التحالف الوطني للقوى السياسية” ذاك الذي يراسه رشاد العليمي والذي ظل على مدى الايام الماضية محل اتهامات الاصلاح بتحريك الشارع في تعز.
حضور المؤتمر داخل المدينة في هذه المرحلة خطير بالنسبة للإصلاح فالأمر لا يتعلق بالتحرك السياسي بقدر ما يأتي في إطار مسلسل اماراتي لتحجيم الاصلاح بدا مبكرا في عدن ومن ثم جنوبا وصولا إلى مأرب.
التحرك السياسي للمؤتمر يتزامن مع تحرك عسكري اخر لقواته المرابطة في الساحل الغربي والتي تحاول التقدم صوب البرح لإطباق الخناق على “الاخوان” داخل المدينة وبما يسهل اسقاطهم بذات الطريقة التي اسقطوا بها خصومهم في 2011.
يدرك الاخوان ذلك بكل تأكيد، ويكفي انهم بدأوا ” نكش ” عش المؤتمر في الساحل الغربي بتظاهرات طالبت، السبت، باستعادة المخا رفعوا خلالها صور مهترئة لطارق صالح قائد قوات الحزب هناك هذا من ناحية ومن ناحية أخرى بدأ الحزب تحريك انصاره في التربة التي اصبحت هي الاخرى ساحة احتجاجات مفتوحة تطالب بإخلاء المدينة من المجاميع المسلحة والفصائل، ولم يخفي عبد القوي المخلافي الحاكم السياسي لتعز والقيادي في جماعة الاخوان خلال خطبة الجمعة الماضية طموح حزبه لاستعادة الحجرية تلك التي تطبق الحصار على المدينة جنوبا، و يخشى المواطنين في تعز جرها إلى صراعات مناطقية.
شيطنة الاحتجاجات في تعز مستمر، واحتمال افراغها من مضمونها كبير في ضوء التسيس لمطالب المواطنين، لكن الوقت ليس متاحا للقوى السياسية للعب على وتر السياسة فهذه القوى التي تحتفظ بأحقاد تاريخية منذ عقود جاهزة لإشعال فتيل حرب تبدو تعز في غنى عنها وتغذيها اطراف اقليمية ترى في الاصلاح عدو لابد من قصر شره.