أسطورة “الوعد بوطن قومي للإخوان” في تعز!!
يحفظ الإصلاحيون عن عِلية قادتهم أنّ تعز مُنحت لهم سلفاً. يقولون إنهم تحصَّلوا على وعد -في وقت مبكر- بأنّ تعز لن تكون إلا لهم: “تعز حقنا”. هكذا، مرة واحدة وإلى الأبد. هذه واحدة من “أساطير” الإخوان في اليمن، وهي تصوغ سلوك الجماعة بجدارة في هذه الأثناء ومنذ أربع سنوات على الأقل.
يتصرف الإصلاحيون في تعز، كما هو الحال، على هذا الأساس. لا يشيعون هذا بين الناس أو للعامة. أصلاً، لأنهم ليسوا في وارد أخذ رأي الناس أو استفتاء العامة في أمر ومصير المحافظة وأهلها.
ينطوي الإصلاحيون خلال ذلك على فكرة لصيقة بالحق ومن مقتضيات الأحقية: ليس من حق الناس التدخل في حق الإصلاحيين. و”تعز حقهم”.
وفي واحدة من الالتقاطات العابرة خلال جولة العنف والقصف والحصار على المدينة القديمة، كان أحدهم -كما لو أنه- يستوثق من نفسه لنفسه بصوت عالٍ: “من قال حقي غلب”. هيَ هذه.
في المرات الكثيرة والمثيرة التي تستحضر تفسيرات أو تعليقات جماعة السلطة في تعز أمام تحركاتها المتسلسلة تباعاً ضد الخصوم والأطراف الأخرى، ترفع ذرائع أثيرة: حماية الحقوق والمصالح، الأمن، الاستقرار، هيبة القانون، فرض القانون، بسط هيبة وسيادة الدولة. ومن هذه التعويذات.
يتحدثون بلغة صاحب الحق والدولة والقانون والأمن والهيبة والسيادة ومصدرها الوحيد. في تعز، الإصلاح لا شريك له. هكذا تقول سيرة فعائل وسلوك الجماعة بلا توقف. أصحاب حق لا يُسألون ولا يُساءلون عمَّا يفعلون.
حتى الاعتداء بالضرب واللكمات والركل وإدماء رأس طبيب وقور وكبير وشهير وخدوم جداً لمرضاه وللناس في إدارة وطوارئ هيئة مستشفى الثورة العام بتعز وإيداعه زنزانة مظلمة، هو الآخر تصرف مشمول بقولهم: حماية الحقوق، وضمان الأمن والرفاهية، وفرض دولة القانون.
ولأنّ سيرتهم في ومع مشفى الثورة الحكومي (الرئيس والوحيد في عاصمة محافظة بملايين السكان) لا آخر لها، بما أنهم يسعون في مرضاة الهلال القطري وتكاد تكون هذه (غاية لا تُدرك)، سنضيف أيضاً أن ضرب الدكتورة المعينة بقرار المحافظ قائماً بالأعمال في المشفى، وهي وكيلة محافظة تعز أيضاً، وطردها. وضرب الممرضين والأطباء والموظفين الإداريين والحراس وعامل الأشعة والمرضى وحتى جهاز الأشعة المقطعية (..) وإغلاق قسم الطوارئ بأكمله في وجه المرضى والمصابين والحالات الإنسانية الطارئة، هي أيضاً من مقتضيات: الأمن والحقوق والحريات والرفاهية والنظام و.. القانون.
كلها مما لا يناقش أو يسائل فيها وعنها أحد أو تحقق فيها نيابة أو تقضي فيها محكمة منذ كان الإصلاح السلطة المطلقة في تعز وتحولت المؤسسات الطبية والإنسانية -المحصنة والمحمية بطبيعة عملها وخصوصية خدمتها- إلى سوق حراج لعصابات مسلحة وقُطّاع طرق ومجرمين يستقوون بالسلطة وبالسلاح و… كله بالقانون.
قانون “من قال حقي غلب”. هي هذه. كما قيلت عرَضاً في تلك المرة. وكما أنها تقال، بأكثر من طريقة وحتى بدون كلام، بصورة يومية في طول وعرض مساحات وساحات معارك الإصلاحيين في “تعز حقنا”.
غزوان وسرحان وفرحان… وغيرهم من المتنمرين في مدينة تعز، هم من أصحاب البيت.. والحق حقهم. ولذلك فإنّ مدير الأمن الأكحلي وحراسته ومرافقيه وقواته يدعون كل صباح: اللهم اعم أبصارنا عنهم وأبعدنا عن طريقهم. تُقتل حراسة مدير الأمن فيذهب بهجر ووصلة للشيخ غزوان ويكسر عسيبه ويترجاه أن يسامح الحراسة هذه المرة (هم الغلطانين وإلا ليش ينقتلوا يعني؟!).
هذا هو مدير الأمن نفسه الذي مزَّق أوامر وتوجيهات المحافظ رئيس السلطة المحلية المُعيّن من رئيس الدولة (في الحقيقة ثلاثة أربعة محافظين تباعاً) ويهدده ويتوعده في الفيسبوك بالاعتقال والسجن، مستعيناً بخلفية كبيرة من السّيادة والنظام والقانون.
يطول الاستشهاد على أنّ سلطة الإصلاح تتصرف في تعز، هكذا وبهذه النزعة التسلطية والإلغائية والتصفوية، على أساس أنّ تعز حقهم. مُنحت لهم. هم أصحاب الحق. الحق حقهم. لا، بل هم الحق.
هذا كله لن ينتهي أو يتوقف بسهولة. التمكين -أو التمكُّن- من امتلاك مركز قوة وسلطة وتسلُّط، خديعة مبكرة انطوت عليها مشاريع وبرامج استقطاب الدعم والأسلحة والتمويلات والميزانيات تحت هدف التحرير.
وبينما يتم استبقاء الحوثيين في الحوبان، وبين الفريقين (طربال) كجدار فصل وسط طريق وشارع رئيس، تتنقل ألوية المحور إلى الضباب والبيرين والمسراخ والنشمة والتربة (المحررة والمؤمَّنة والآمنة)، بزعم تأمين طريق تعز التربة (!!) وبقية التعويذات المعروفة: فرض الأمن وبسط السيادة وهيبة الدولة.
ذرائع مستهلكة حد الغثيان والإتلاف. انتهت أخيراً، إلى قصف مواقع اللواء 35، وقتل حراسة المحافظ، ونهب سيارتهم، جهاراً نهاراً في التربة. وإذكاء توتر واستنفار كاد يلف بحرائقه البلاد من أطرافها. ورغم كل شيء انصرفوا إلى تطويق التربة والحجرية عندما نصّت توجيهات المحافظ والدفاع والأركان بالانصراف من التربة والحجرية وعودة القوات إلى مواقعها والألوية إلى نطاق عملياتها المحدَّد.
هم لا يرغبون في التوقف. لن يتوقفوا عن هدف اكتساح ريف تعز والحجرية. ثقوا أنّ هذا لن يحدث. يقولون: لن نترك حقنا. و”تعز حقنا”.
أسطورة “الوعد”، بوطن قومي للإخوان في تعز (..) لها أكثر من بقية، وللحديث صلة..